ربما يعلم قراء هذه المدونة الكرام أن صاحبها قد صدر له مؤخرا ترجمة كتاب علمي فيزيائي بعنوان
Storm in a Teacup: The Physics of Everyday Life
للفيزيائية البريطانية د. هيلين تشيرسكي. ونشرت العمل دار شفق الكويتية وصدر في شهر أكتوبر/تشرين الأول من عام 2019
وقد ساهم معي مساهمة فعالة بإخراج الترجمة وضبطها ومراجعتها الأستاذ دكتور عبد الحميد مظهر، كمراجع علمي ومدقق عام لأفكار الكتاب العلمية والاصطلاحية.

أما العنوان العربي الذي صغناه للكتاب فهو
عاصفة في كوب شاي: فيزياء الحياة اليومية
لماذ العنوان؟ تساءل بعض القراء والمتابعين (وبعضهم انتقد) عن سبب التسمية المباشرة، لا سيما وأن عبارة storm in a teacup اصطلاح إنجليزي له مقابل في اللغة العربية ألا وهو “زوبعة في فنجان“. والحقيقة أن التساؤل والانتقاد في محله، بل إنني في بداية ترجمتي للكتاب كان في ذهني هذه التسمية الاصطلاحية، لكن مع المضي في ترجمة الصفحات والفصول المختلفة، تبين أن المؤلفة تقصد الشاي تحديدا لأنها تفضله على القهوة، والأهم من ذلك هو وصف التفاعلات الفيزيائية للجزيئات داخل الشاي وهو ما يتعذر حدوثه في جزيئات القهوة. وبالتالي يصبح المدلول هنا مقصودا وثابتا وتجاوزه لكي نقفز نحو التعبير الاصطلاحي الشائع مسألة قد تشوبها عدم الدقة وربما الغلط. كما أننا في هذا الكتاب لا نبحث عما هو “شائع” بل نسعى لكسر القوالب لكي نبحر نحو المعرفة العلمية لا اللغوية أو الأدبية، فعبارة “زوبعة في فنجان” أمست شائعة إلى حد الابتذال فآثرت في نهاية المطاف نبذها والتمسك بالدقة المقصودة وإن كان في ذلك شبهة الترجمة الحرفية المباشرة، ولا أعتقد أنها دائما تقع على الجانب الخاطئ من النقل الترجمي بل ربما الترجمة المباشرة تلبي صميم المعنى وفي هذا خير. نقطة أخيرة بما يتعلق بالعنوان وربما يعرفها أهل البادية أكثر من غيرهم، وهي أننا معتادون بلساننا على الفنجان لنستخدمه لشرب القهوة لا الشاي، فلا نقول مثلا “اعطني فنجانا من الشاي” ولم أسمعها قط، فالفنجان لدينا يرتبط بالقهوة عادةً وحصرا. لكن قد لا يصح هذا لغويا، إذ تستعمل الفناجين لشرب القهوة والشاي معا كما تقول المعاجم العرب. على أية حال لا يوجد ما يشوب عنوان “عاصفة في كوب شاي” اللهم حداثة التسمية وغرابتها وعدم الاعتياد عليها، ولعل هذا يصب في صالح الكتاب ويخدمه.
نبذة عن الكتاب: ستعرض الكتاب تجارب فيزيائية متنوعة واجهتها المؤلفة وجعلتها أشبه بالمغامِرة التي تخوض مغامرات علمية مشوّقة لتعرض عبرها تفسيرات لأسئلة ومظاهر غريبة أصبحنا معتادين عليها دون أن نحاول إدراك العوامل التي أدت إليها. ولعلي أتذكّر عبارة حرصت على تسطيرها د. هيلين تشيرسكي بين جنبات الكتاب فتقول بين الحين والآخر”علينا ألا نسلم جدلا بهذا المظهر أو ذاك.” أي أن على المرء فعلا أن يدرس حقائق الأشياء وأعماقها وألا يركن بسهولة حدوثها أو تكررها كشيء معتاد في حياتنا اليومية. وهذا جانب ذكي في حياة كل إنسان يفكر ويتأمل في كل ما يواجهه من مظاهر كونية.
عن مؤلفة الكتاب: هيلين تشيرسكي عالمة فيزياء ومحيطات ومقدمة برامج وثائقية في البي بي سي، وهي حاصلة كذلك على دكتوراة في الأدب. اطلعت على عدد من الوثائقيات التي قدمتها ومنها “الحياة السرية للشمس” و”علم الفقاعات” و”الأرض الخطيرة” و”المدار: رحلة الأرض المدهشة” وأفلام وسلاسل وثائقية أخرى كثيرة. واللافت أن معظم أفكار هذه الوثائقيات عرضتها في كتابنا عبر نظرة شخصية وبأسلوب مشوق. وهي تقول إن تخصصها الرئيس ينصب على دراسة فقاعات المحيط.
كيف ترجمناه: كما يعلم قراء المدونة الكرام أنني لست متخصصا في الفيزياء ولم يسبق لي دراسة مجال علمي من قبل، غير أن الأطروحة التي أناقشها في “كلمة المترجم” بالكتاب أن المترجم لا يجب أن يكون بالضرورة متخصصا في الموضوع الذي يترجمه، ولا المتخصص يجب أن يكون بالضرورة مترجما للموضوع الذي يتناوله. لن يدرك هذه المعادلة سوى من انخرط فيها من المترجمين أو المتخصصين، فالفكرة البسيطة التي أناقشها هنا أن العملية الترجمية برمتها إنما هي عمل جماعي يؤلف بين جهدي المترجم المتخصص، لا سيما عندما يضطلعان بترجمة الأعمال التخصصية كالعلوم والتقنيات والهندسة وما شابهها. وقد حدثني بعض علماء بارزين ومتخصصين في مجالاتهم أنهم أقدموا على محاولة ترجمة بعض الأعمال إلى العربية، فاكتشفوا أن المسألة ليست بتلك السهولة واليسر الذي تصوروه، إذ لا بد أن كثيرا منهم استسهلوا الترجمة و”أن كل من أتقن لغتين أجاد النقل بينهما” فوقعوا فخ عدم الإلمام بفكرة الترجمة وكونهما علما وفنا قائما بحد ذاته، فأسرّ لي بعضهم أنها “كانت تجربة سيئة ومؤلمة”!
منهجية الترجمة: شرعت والدكتور الفاضل عبد الحميد مظهر بنهج بسيط ومتين في الآن ذاته، ألا وهو مراجعة كل فصل على حدة وتصويب معيار نقل المصطلحات إلى العربية ثم اعتماد المنتج النهائي بعد اتفاقنا معا، واتخذنا في ذلك نهجا صارما (إلى درجة عدم الرضوخ إلى ما أصبح شائعا من استخدامات اصطلاحية فيزيائية، لجزم المراجع بعدم دقتها بوصف المعنى الحقيقي) والتواصل المستمر لخدمة هذا الغرض. ولا بد من ذكر ملاحظة شعرت بها وأنا أتعامل مع الدكتور عبد الحميد مظهر وهي تنظيمه لوقته تنظيما دقيقا وخلابا. فهو علاوة على تدريسه للمواد في الكلية التي يعمل فيها، وكتابته لكثير من الأعمال البحثية العلمية ومشاركته بتقارير وأبحاث أخرى، يجد متسعا لتقديم تأملاته وأفكاره في وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أنه كرس وقتا ليس بقليل لمراجعة الترجمة وتصويبها وتنقيحها بدقة وانضباط وبالصرامة اللائقة التي يتطلبها أي إنتاج علمي رصين. فما شاء الله على الدكتور عبد الحميد وتبارك الرحمن. كما لا يفوتني أن أشكره على سعة صدره عليّ وعلى استفساراتي وملاحظاتي (السطحية أحيانا كثيرة) وشكوكي. ماذا نفعل؟ من يتورط بالترجمة يستحسن أن يمارس الشك دائما، لأنه في هذا المقام “فضيلة”.
ظروف وآلام: أختم هذا التقديم بما لا أحب أن أختم فيه. فقد واجهتني ظروف عصيبة أثناء ترجمة هذا العمل، إذ مرض والدي وأنا منكبّ على الترجمة ولم أتمكن من زيارته وهو على فراش المرض (أحيانا نخدع أنفسنا أن الشفاء قادم كالعادة). لكني لن أنسى ذلك ما حييت. رحمه الله وغفر له ورحم موتانا وموتاكم أجمعين وإنا لله وإنا إليه راجعون.
كما أحاطتني طوال الشهور الأربعة التي أتممت بها ترجمة الكتاب آلام جسمانية عديدة، منها اكتشاف إصابتي بخشونة الرقبة (ليس مرضا خطيرا وكثيرون مصابون بهذه الحالة المزمنة)، ثم أكمل ضرسي المتسوس “الحفلة” فأصابني بحالات صداع عدة، ولم أستطع التوجه لأي طبيب لمعالجة تلكما الحالتين حتى لا يتأخر جدول الترجمة اليومي. ويجدر بالمرء ألا يشتكي إلا لله عز وجل، لكن هذه طبيعة الإنسان: يشعر بالضعف والعجز. لكن لعل ذلك يبيّن وجها من أوجه كفاح ممارس الترجمة وعدم يأسه من رحمة الله سبحانه.
أرجو الله أن أكون قد وُفقت في هذا التقديم، وأتمنى للقراء الكرام تجربة مفيدة بقراءة هذا الكتاب
لقاءات وإهداءات للكتاب
لقاء مع قناة العربي الكويتية وحديث عن الكتاب أثناء انعقاد معرض الكتاب الدولي الرابع والأربعين في دولة الكويت
مؤلفة الكتاب د. هيلين تشيرسكي تقدم نبذة قصيرة عنه وبترجمة أيضا من مترجم الكتاب
https://twitter.com/faisal175/status/1189206818901417985
أول اهداءات الكتاب كانت للصديق العزيز دكتور عايد الجريد
https://www.facebook.com/faisal.kareem.3/videos/10221004846969900
لقاء مع الدكتور إبراهيم الشريفي واهداء للكتاب على هامش معرض الكتاب
https://www.facebook.com/faisal.kareem.3/videos/10221480204773548
صور ولقاءات واهداءات للكتاب
مع الدكتورة أمينة الفرحان، رئيسة قسم الفيزياء بكلية العلوم جامعة الكويت
مع الأستاذ الفاروق عبد العزيز الناقد والمخرج المعروف والمهتم بفيزياء الكون في أعماله الوثائقية
مع الزميل السابق دكتور أمين المهنا (والرجل ليس على كرسي متحرك لكن لا أعلم من أين أتى به فأخذ يتدرب على قيادته في ردهات قسم اللغة الإنجليزية بالكلية 😆 )
مع بعض الأصدقاء عند وصول نسخ الكتاب المخصصة لي
مع الدكتور طارق عبد الله فخر الدين رئيس جمعية المترجمين الكويتية ودكتورة ضياء بورسلي أمينة عام الجمعية
كيفية طلب الكتاب والحصول عليه
يمكن طلب كتاب “عاصفة في كوب شاي” في الكويت من متجر دار شفق الإليكتروني
من هنا
والكتاب متوفر في دولة الإمارات العربية المتحدة حسب الوارد في هذه الصورة
ومن هنا يمكن طلب الكتاب في المملكة العربية السعودية
https://bookccino.com/index.php?route=product/product&product_id=2719
موقع ملهم!
إعجابإعجاب
بالتوفيق
اختك نور الخالدي باحثه اعلاميه تسويق فرص الكويت امتنان لله لاستقرار ها
اتشرف بمعرفتك والتعاون من أجل الكويت الله يبارك بها وبالتوفيق
إعجابإعجاب
حياكِالله أختي الكريمة نور الخالدي، وشكرا لمشاركتك وتفاعلك الطيب
إعجابإعجاب