هذه أول ترجمة لي لفيلم من الهند (مع إنه ليس فيلما هنديا في الأصل ولا ينتمي لسينما بوليود كما يطلق عليها). وهي تجربة مثيرة للاهتمام، وإن عرقلتها بعض المشاكل، ونتعرف من خلالها على مخرج هندي برز اسمه على الساحة السينمائية خصوصا بعد فيلمه الملحمي الفانتازي “باهوبَلي“. إنه المخرج سريسيلا سري راجَمولي، أما فيلمه الذي أقدم ترجمته هنا فيعد من أغرب الأعمال التي بإمكان صناعة السينما عرضها على المتفرجين: إنه فيلم الذبابة.
Eega
الذبابة
لستُ متأكدا إن كانت صناعة السينما في العالم من قبل قد جعلت من ذبابة (أعتقد يجوز تذكيرها أو تأنيثها) بطلا لفيلم كامل، لكن المخرج راجمولي يرد على مذيعة هندية سألته مستنكرةً ومستغربة “من الذي يخرج فيلما عن ذبابة”، فيقول واثقًا “أنا”. نال الفيلم عدة تقديرات محلية ودولية كثيرة، وعرض في معظم القارات العالمية ودور سينماها. يصنف بعض النقاد الفيلم أنه “خيال علمي” للأطفال والكبار، لكن المخرج يصنفه على أنه “فانتازيا إجتماعية”. فكرة الفيلم بناها المؤلف والمخرج براساد إذ تفطن لها لاحقا ليأطرها لاحقا مع راجمولي بهذا العمل السينمائي المدهش، وتلخصت فكرة براساد أن ابنته الصغيرة تريد سماع قصة ما قبل النوم من أبيها الذي يريد النوم، فيقول لها متثائبا “كانت هناك ذبابة…” وهو ما بدأ به الفيلم بشاشة سوداء.

راجمولي (يمينا) يشرح لناني (في الوسط) وسوديب
الفكرة بحد ذاتها ليست جديدة، وأقصد أن يهزم طرف صغير ومتواضع خصما أكبر وأعظم، وقد عرضت هذه الفكرة مرارا في السينما. غير أن الجديد هنا أن الضعيف هو ذبابة. وطبعا كل من نقول له إن الفيلم بطلها ذبابة، يزدري الفكرة، فهذا حال الناس: يعلون من القوي ويستحقرون الضعيف، ويعجبهم الضخم والكبير ويستهزأون بالصغير والضئيل. لا يرى معظم البشر الأمور بمنظار العمق ومجهر الحكمة والتأثير بغض النظر عن الحجم والوزن. وعلى ذلك يقول المخرج راجمولي أن تشبيه فيلم الذبابة المناسب ينبع من قصة النبي داوود عليه السلام، وهو أصغر الجند ولا يتوقع منه أحد إنجاز شيء يذكر، حين قتل جالوت في الرواية التي ذكرتها الكتب السماوية ووردت في القرآن الكريم. كما يشبّه المخرج الفيلم بواقعة فوز منتخب الهند ببطولة العالم الكريكيت سنة 1983.

المخرج راجمولي يشرح للنجمة سامانثا برابو دورها
والحق أن الأنسان يجب أن يتحلى بفضيلة التواضع لكي يرى الأمور على حقيقتها وعلاتها الفعلية. وكلما تعالى الفرد وتنكر للواقع ابتعد عن الحقيقة وأخذ ينحو للعزلة والاستفراد بالرأي، وهنا مكمن من مكامن الاستبداد والطغيان، وهو جانب يعرضه العمل وتألق فيه النجم سوديب الذي قفز به هذا العمل إلى مصاف النجومية في الهند عموما وليس فقط بأفلام الـ(كانادا)، فقد أتقن سوديب التركيز على بؤرة زوايا الكاميرا للنظر إلى ذبابة ضئيلة والتلذذ بتعذيبها لتبدو ملامح الشر فيه بأوضح صورها. ومما يجدر ملاحظته أن المخرج ترك اسمي بطلي الفيلم (سوديب و ناني) كما هما في الفيلم بلا تغيير، في حين سمى البطلة (سامنثا روث برابو) بإسم بيندو!
العمل يبدأ بفكرة صغيرة (حكاية ماقبل النوم) تتلوها فكرة بسيطة (شاب فقير يحب فتاة ناشطة في العمل الخيري وفنانة)، ثم تتشعب القصة إلى أن تلج إلى الموضوع الأبرز في العمل، ألا وهو الانتقام والأخذ بالثأر. كما لا يفوتني الإشارة إلى مسألة “تناسخ الأرواح” إذ تؤمن معظم الشعوب الشرق الآسيوية بهذه الفكرة كمعتقد ديني، مع أن المخرج راجمولي يصنف نفسه -كما تذكر الويكيبيديا عنه- كملحد. وكنت قد صادفت هذه الفكرة في فيلم “العم بونمي يستدعي أرواحه السبعة” التايلندي. لكن توظيف هذه الفكرة توظيفًا جيدًا يعتمد بطبيعة الحال على ذكاء المخرج والمؤلف ومدى نجاحهما في تأطيرها في العمل.
عن السينمات الهندية
بما أنه الفيلم الأول الذي أترجمه من السينما الهندية، فلا بد أن أذكر مدى المفاجأة والحيرة التي اعترتني وأنا أحاول فهم تعدد السينمات الهندية، وعدم انحصارها في الأفلام الناطقة باللغة الهندية (المسماة “بوليود”). إذ تبين لي متأخرًا أن هناك سينما توليود (الناطقة بلغة تيلوغو كما هو فيلمنا هذا) وهناك سينما “كوليود” (الناطقة بلغة “كانادا” التي يتحدث بها سوديب الشرير بفيلمنا هذا)، كما أن هناك سينما المالايالم وسينما التاميل. وكل سينما منها تعبر عن لسان حال الولاية التي خرجت منها، ولا شك أن السينما الأعرق والأكثر انتشارا هي الهندية (التي رأينا من خلالها النجوم أميتاب باتشان وشاشي كابور ثم من تلاهم كعامر خان وشاروه خان وعرفان خان) لكن النجاح الذي حققته عدة أفلام غير بوليودية، مثل الفيلم الملحمي لراجمولي “باهوبَلي” وأفلام جيدة قبله غيّرت من المعادلة تماما. إلا إنني لا أعتقد أن النجاح يتعلق بالرقعة الجغرافية أو اللغة الوطنية، بل بالموهبة وذكاء صنّاع السينما في أي مكان.
أما الولاية التي تتحدث بلغة التيلوغو وتظهر بالخريطة أعلاه فتدعى تيلنغانة وعاصمتها المدينة الشهيرة حيدر أباد. وقد أعدت علاقتي بالسينما الهندية مؤخرا بعد تحدٍ بيني وبعض الأصدقاء الذين عرضوا فيلمًا غير منطقي أو مقنع لعامر خان، فاتهموني بالعنصرية وعدم تقبل الفيلم لمجرد كونه هنديا لا أمريكيا. فرديت عليهم أن العنصرية ليست من شخصيتي، فأنا كممارس للترجمة يجب أن أتقبل الثقافات الأخرى وأحترمها لا أن أحكم عليها. ويبدو أنني انهمكت بالاطلاع على السينما شرق الآسيوية في اليابان والصين وكوريا فترة من الزمن، ولم أنتبه للمميز والجيد الذي قدمته السينمات الهندية في الآونة الأخيرة. ولعل إغراق بوليود في فترة السبعينيات والثمانينيات في عنصر الميلودراما والابتعاد كثيرا عن الواقعية جعلني أبالغ في مقاطعة السينما الهندية عموما، وهذا خطأ بالتعميم.
ترجمة الفيلم ومشاكلها
صدر الفيلم أصلا بلغة التيلوغو، مع أن بطل الفيلم الشرير سوديب يتحدث بلغة كانادا. لكن الفيلم ظهرت له عدة ملفات ترجمة لنسخ مختلفة ومنها نسخة المالايالم التي ترجمت منها الملف. وتبين بعد انتهائي منه اختلاف نسخة التيلوغو ليس فقط في لغة ملف الترجمة بل بوجود مشاهد مختلفة بين النسختين. وتذكر معلومات الويكيبديا أن المخرج راجمولي بدأ بعرض الفيلم بنسخة التاميل ثم ألحقها بنسخته التوليودية. ويبدو أن نسخة المالايالم هي ذاتها نسخة التاميل، ولا أتوقع وجود نسخة ثالثة للعمل. ولهذا سأحاول ضبط نسخة الترجمة على النسخة التيلوغو للفيلم وكذلك اللغة الهندي، إذ لم ينفع لذلك تعديل التوقيت الآلي ببرامج الترجمة. والله المعين.
تحديث: 15-9-2017 :- أعدتُ الترجمة كاملة لضبطها مع النسخ التي صدرت للفيلم بلغتي التيلوغو والهندي. وتبيّن أن المخرج جعل الممثلين يقومون بكل مشهد مرتين بحوارين مختلفين نسبيًا، كما أنه صور مشهد الحرامي الذي يقفز لشقة البطلة بمنتصف الفيلم وكذلك المشهد في آخره بحوارين مختلفين تماما وخصّص ممثلين إثنين لكل منهما، وهو ما جعل من عملية التعديل الآلي السهل متعذرًا طبعًا. واستغرقت عملية إعادة الترجمة للنسختين 4 أو 5 أيام تقريبًا. هل رأيتم كيف يعاني ممارس الترجمة المسكين؟ 😹😹😹
ترجمة نسخة التيلوغو
من هنا
ترجمة نسخة الهندي
من هنا
ترجمة نسخة المالايالم
من هنا
لمن يرغب بتحميل نسخ الفيلم عبر التورنت
فهذه نسخ متوافقة مع الترجمة بروابطها:
Eega (2012) 720p UNCUT BluRay x264 Eng Subs [Dual Audio] [Hindi DD 2.0 – Telugu DD 5.1] -=!Dr.STAR!=-
Eega (2012) – Blu-Ray – x264 – 720p – DTS – [DDR]
اكتمل العمل ولله الحمد
تقبلوا أطيب تحية من مترجمه
فيصل كريم الظفيري
التنبيهات: أسبانيا بين طريق الدم وبريق الذهب | ترجمة السلسلة الوثائقية Blood & Gold: The Making of Spain | مدونة فيصل كريم الظفيري - Faisal Kareem Blog·
شكرا لك أخي فيصل على الترجمة الرائعة.
إعجابLiked by 1 person
العفو أخي غسان، شكرا لشعورك بالاستمتاع ☺
إعجابإعجاب
التنبيهات: جريمة وغموض وحكايات وأساطير من جنوب الهند – الفيلم التاميلي (فيكرام * فيدا) Vikram * Vedha ترجمة: شريف وهبة وفيصل كريم | مدونة فيصل كريم الظفيري - F·