أعود لكم مرة أخرى من بوابة سينما جنوب الهند
ويشاركني هذه المرة الزميل والصديق ( شريف وهبة)
وذلك بترجمة فيلم تاميلي كبير الأهمية
Vikram Vedha
فيكرام فيدا
المقطع الدعائي عبر الفيسبوك
مشاهدة مباشرة للفيلم
عن الفيلم
يعد هذا الفيلم من أهم الأعمال التي تصدرت قائمة السينما التوليودية (أي السينما التاميلية) في السنوات الأخيرة، ولاقى استحسانا كبيرا على الصعيد الجماهيري وعند النقاد والمحللين السينمائيين، وهو ثمرة عمل استغرق أكثر من 4 أعوام على يد مخرجيه وهما الزوجان بوشكار وزوجته غاياتري اللذان قدما عملا رائعا بالفعل جمع بين المتعة وعمق الفكرة وعناصر التشويق والحركة مع الرؤية الدقيقة والهادفة. وقد جمع صناع العمل بين النجمين التاميليين الكبيرين مادافان (نتذكره بفيلم النجم الهندي عامر خان “الأغبياء الثلاثة” 2009) وفيجاي سيتوباثي وهو منتج وممثل بارز في ولاية تاميل نادو. وما بين هاتين الشخصيتين تدور سلسلة من الأحداث المثيرة التي تعتمد على جودة الحكايات التي يصر فيدا على سردها على مسامع فيكرام فقط ولا أحد غيره. ومن اللافت أن نجاح هذا العمل التاميلي أحدث غيرة عند نظيرتهم الكبرى ألا وهي سينما بوليوود -السينما في شمال الهند باللغة الهندية- إذ سمعنا أن النجم عامر خان يجهز مع المخرجين ذاتهما لعمل إعادة للفيلم باللغة الهندية، وهذه ظاهرة غريبة فعلا، لأن الفيلم التاميلي دبلجوه إلى الهندية فلماذا لا يكتفي أهل بوليوود بذلك؟ تكرار الأفلام الناجحة في الجنوب عبر إعادات سينمائية في بوليوود رأيناه بأفلام مثل دريشام 2013 الذي قام ببطولته نجم ولاية كيرلا موحان لال، لكن سرعان ما أعادته بوليود بنسخة هندية من بطولة النجم البوليودي أجاي ديفجين بعدها بعام فقط، وهذا مجرد مثال وغيض من فيض، فمعظم نجوم بوليود أدوا إعادات لأفلام جنوبية في حين أن العكس لا يحدث. وبالتالي فإن معظم الأفكار الأصلية والمبتكرة تنبع من الجنوب، غير أن معظم الجماهير “ماخذين مقلب” في النجوم البوليوديين أمثال سلمان خان وأكشاي كومار وشاروخان وكاترينا كايف وغيرهم والمخرجون الذين يقدمونهم، فمعظم أعمالهم أصبحت مجرد تقليد وينقصها الابتكار. فهل ذبلت أفكار بوليوود لتستعير من الجنوب أعمالها الناجحة؟ هذا موضوع يطول الحديث فيه. وعندما نعود إلى فيلمنا نلحظ أنه مع أن العمل يأخذ شكل الحركة “الآكشن” والمطاردة والغموض، إلا أن خلفيات القصة لها أبعاد أكبر من ذلك.
أسطورة قديمة بـ25 حكاية ولغز محير
خلفية القصة ربما تفيد المشاهد المهتم بمعرفة كيفية البراعة باستثمارها لصنع هذا العمل ذي الأبعاد العميقة، إذ التقط المخرجان بوشكار وغاياتري أسطورة خرافية هندية قديمة اسمها “خمسة وعشرون حكاية لـ(بيتال)” وهي عن ملك خيالي يدعى فيكراماديتيا يعم الشر والبلاء والكوارث مملكته فيشير له الكاهن أوالساحر التنتري أن سبب البلاء روح شريرة اسمه فيتالا (الذي هو بيتال نفسه) ولا بد أن يذهب إليه في كهفه ويقضي عليه، فوعده الملك بذلك. وعندما اقترب من الكهف كان فيتالا يضع العراقيل والأفخاخ في طريقه، لكن الملك فيكراماديتيا يتجاوزها إلى أن أمسك بالشيطان فيتالا، وهنا يحدث غير المتوقع. فيتالا لا يعوزه الإقناع والمنطق والرؤية غير السطحية، فيستخدم كل ذلك هذه المهارات لحبك حكايات تنطوي على معضلات وألغاز وأحجيات محيرة. والغريب في الأسطورة أن الملك إذا فشل بحل معضلة كل حكاية يوافق فيتالا على البقاء تحت قبضته ويحدث العكس إذا نجح بحل المعضلة حيث يفلت فيتالا في أرجاء الكهف المظلم. وبين الهروب والإمساك مع كل حكاية، يستمر بسرد الحكايات المحيرة على مسامع الملك فيكراماديتيا إلى أن يصل للحكاية الرابعة والعشرين وفيها لغز غامض يحير الملك كثيرا. لكن المفاجأة الكبرى تتجسد باللغز الخامس والعشرين الذي يحدد مصير فيتالا والملك فيكراماديتيا والساحر التنتري. ومصدر هذه الإسطورة التي ضاعت مصادرها الأولى ينبع من جنوب الهند على اختلاف ولاياتها وقومياتها ولغاتها، إذ يبرز تأثيرها على الوعي الجمعي العام كما أكد لي مجموعة من الأصدقاء من جنوب الهند.
-
-
صورة تعود إلى سنة 1870 رسمها الإنجليزي إيرنست غريسيت ترمز لحكاية بيتال
تكمن براعة مخرجي العمل في إسقاط هذه الأسطورة الغامضة على فيلم سينمائي بقصة معاصرة وحبك خيوط العمل بتناسق وانسيابية لعناصر الصوت والمكساج والمونتاج والتوظيف الإيجابي لها لتطويعها لتخدم الرؤية التي صممها المخرجان واجتهدا بتوجيه الخيوط نحوها، وكثير من النقاد أدركوا هذه المميزات بالعمل ومدى صعوبة إتقان ذلك. ويبدو أن رؤية المخرجين تتجلى في انتقاد الفساد المستشري في الولايات الجنوبية في الهند، لكنهم يسعيان إلى الابتعاد عن السطحية والابتذال والمباشرة في الطرح. وهما يشيران بوضوح إلى ضرورة استشفاف الحكمة من وراء الأمور. ليس كل ما يلمع ذهبا، وليس كل من يضحك بوجهك يريد لك الخير، وليس كل من صرخ بوجهك أو عنفك يريد لك شرا. هذه من معضلات الحياة ولا يدركها السذّج والسطحيون وأهل الأهواء، فالخير ربما يتوارى خلفه شر خطير، وما يظهر على أنه شر وبلاء لعل فيه كل الخير والنماء. لكن مشكلة البشر أنهم عجولون ويريدون كل الخير دون تقديم ما يدل على أنهم يدركون عظمة الخير الذي يتمنونه، كما أن البشر تغرهم المظاهر ولا يستقرئون المخابر إلا من لم تنقصه الفطنة وهم قلة في أيامنا هذه.
لعل هذه شذرات من رسالة العمل الذي يشتمل على مواصفات فنية وفكرية جيدة يراها المشاهد الواعي.
المخرجان بوشكار وزوجته غاياتري
نظرة جديدة لسينما الجنوب الهندية
أشرت فيما سبق إثر ترجمتي لفيلم الذبابة للمخرج التلينجاني المميز راجمولي إلى بعض السمات المختلفة لسينما الجنوب الهندية عن نظيرتها سينما بوليوود (أي السينما الناطقة باللغة الهندية). ومن المدهش ملاحظة مدى التباين بينهما، ويبدو أن بوليوود أصبحت تهتم بالظهور بشكل ناضج يبتعد عن عنصر المبالغة والتهويل، في حين أن سينمات الجنوب مثل التاميلية والتلينجانية والكيرلا والكانادية (ولا ية كارنتاكا) ما زالت تتمسك بما تعتقد أنها عناصر الأصالة الهندية والشخصية المستقلة. ومن الواضح أن الكفة تميل لسينمات الجنوب وقد حسم هذا الأمر فيلم باهوبالي لراجمولي، حين أدركت بوليوود مدى التصحر الذي أصاب أفكارها ووقوفها بذهول أمام سوق سينمائية ناجحة متمثلا بتحالف سينمات الجنوب، وهو تحالف عمل على سحب البساط من أقدام بوليوود. من السمات البارزة التي تتميز بها الجنوب عنصر الجرأة في النقد، إذ لاحظت مثالا على ذلك من خلال فيلم تاميلي رائع عنوانه “الجوكر” للمخرجين راجو موروغان وراجو سارفانان الذي يقدم نقدا لاذعا للحكومة الهندية عبر قصة إنسانية مؤثرة، وعندما أعادت بوليوود العمل بنسخة هندية على يد النجم أكشاي كومار -وهو رجل يبدو أنه يعشق الحكومة فعلا كما يظهر من أفلامه- بعنوان: المرحاض: قصة حب قلبت الإعادة اللوم والنقد ووجهتها نحو الناس وأنهم السبب في المشاكل العامة فيما الحكومة بريئة وصحيحة. ولعل هذا التباين يمنح السينما الجنوبية مصداقية أكبر وثقة جماهيرية واسعة. على أن سينما الجنوب تكتنفها بعض السلبيات مثل طغيان النجوم على العمل وفكرته، فنجوم مثل ماهيش بابو (تيلوغو) وراجنيكانث (تاميلي) وموحان لال (مالايالم) يكون هم مركز اهتمام العمل لا فكرته وموضوعه، ونلاحظ أن حتى مشهدهم الافتتاحي في الفيلم لا بد وأن يكون مؤثرا ومهيجا للجمهور الذي تراه في قاعات السينما يصرخ وينتشي لهذا الافتتاح المبهر حتى وإن اضطربعضهم لخلع قميصه والتلويح به ابتهاجا، والطريف أن مشرفي قاعات السينما في الكويت يراقبون هذه التصرفات ويعملون جاهدين للسيطرة عليها دون جدوى، ولا ألوم هذه الجماهير لأنهم يجدون أنفسهم بهؤلاء النجوم الشعبيين. من النقاط السلبية أيضا المبالغة بعنصر الإبهار الحركي لا سيما عندما يقاتل البطل، ومع أن فكرة “عدم موت البطل” إنما هي فكرة أمريكية خالصة، إلا أن المبالغة بالأكشن (كأن يضرب البطل أحدهم فيطير للدور الثاني من العمارة) تضر بصورة العمل. وهنا يقول أحد المحللين الأمريكيين “في آكشن سينما الجنوب الهندي لن نرى الجاذبية”. وأعتقد مع ذلك أن السينما لا يجب أن تقتصر وظيفتها على الواقعية ونقل الحياة العادية وحسب، لإن هذا إخلال بوظيفتها الأساسية ألا وهي الترفيه وجذب المشاهد وإمتاعه. وثمة من بالغ بالواقعية والتجريد والرمزية، وهذه مدرسة نشأت في بعض السينمات الأوروبية، وهذا الصنف السينمائي له مريديه وهواته ونخبته، لكن يكمن النجاح في الاجتهاد بمزج العملين: الإمتاع والترفيه وكذلك جودة الفكرة وعمق الرؤية، وهو ما نلحظه في فيلم فيكرام * فيدا الذي انتقيناه لكم.
ترجمة مشتركة وولادة عسيرة
شاركني في هذه الترجمة الزميل والصديق شريف وهبة الذي استقطع مشكورا قسطا كبيرا من وقته للمساهمة بهذا الجهد. وكنت قد بدأت بها ربما منذ عام ونصف لكن المشاغل منعتني، فعرضت موضوع الفيلم على الأخ شريف الذي تحمس لترجمته، ثم أتته هو الآخر مشاغل الحياة لكنه تجاوز نصف ترجمة النص، فاستلمت عنه الجزء المتبقي وأنجزناه ولله الحمد.
ترجمة حوار الفيلم لا تحمل تعقيدات كبيرة في المعاني اللهم بعض ما احتوته من اختصارات كان يتوجب تفكيكها قدر الإمكان، واسماء لمواقع ومناطق في منطقة تاميل نادو كان لا بد من توضيحها. غير أن المشكلة الأبرز التي اعترضتنا سرعة الحوار وعدم مواكبة النص الإنجليزي له بما يساعد المشاهد على قراءة الترجمة بارتياح. بمعنى أن السطر (التيتر) يحتوي على كلمات كثيرة ومدة زمنية قليلة (أحيانا نصف ثانية). وهنا يجب أن ينتبه المترجم ويحاول أن يحسن نص الترجمة قدر الإمكان وذلك باتباع إحدى هذه الحلول:
-
أن يختزل في كلمات ترجمته في السطر قصير المدة قدر الإمكان ولا يطيل من صياغته للعبارات ويقتصد فيها مع عدم الإخلال في المعنى.
-
إطالة مدة السطر (عن طريق برامج تعديل الترجمة أو يدويا بالنص) مع مراعاة عدم تضارب التوقيت مع السطر الذي يليه
-
دمج السطور المتعاقبة التي يقولها متحدث واحد أو متحدثان (مع وضع شخطة تمييزا لكل متحدث) وذلك باستخدام البرامج ذاتها
ولا مفر من استخدام هذه المعالجة النصية لضمان ترجمة مرئية سليمة. وقد لاحظت أن كثيرا من هواة ترجمة الأفلام الجدد لا يكترثون لذلك أو لا ينتبهون لمدة كل سطر، فيعمدون إلى استخدام عبارات طويلة وممتدة دون وعي أن المشاهد قد لا يستطيع مواكبة ترجمتهم في مثل هذه المدد القصيرة للسطور. والمترجم النموذجي (من الناحية التقنية) هو الذي ينتبه لمعادلة: عدد الحروف/عدد ثواني كل سطر، وهي المهمة التي تسهلها برامج تعديل الترجمة مثل (سبتايتل إيديت). أتذكر أنني في بداياتي في الترجمة المرئية لم أنتبه لهذه المعادلة الهامة لعدم استخدامي للبرامج واكتفائي بالترجمة على (النوت باد) لكنني سرعان ما أدركت ضرورة الانتباه لمدة السطور على الشاشة وألا أعتمد فقط على نص الترجمة المصدر.
ملف الترجمة ونسخ الفيلم عبر التورنت
الترجمة عبر موقع صب سين
من هنا
أما عن نسخ الفيلم، فلم نعثر على نسخة بلوراي كاملة، لكن نسخة الويب نقية ولا تختلف عن نسخة البلوراي،
يمكن تنزيلها من هنا