أحد أبرز الكتاب في الولايات المتحدة. ينحدر من أصول هندية مسلمة ويعيش في أمريكا. له عدة مؤلفات وكاتب في مجلتي نيوزويك والتايم ويساهم في تحريرهما. ويقدم في السي إن إن برنامجا أسبوعيا عنوانه
ويعرض في نهاية كل حلقة منظوره ورؤيته حيال المشكلة المطروحة، أو ما يسميه Take
فعرض في منظوره هذا الأسبوع مشكلة جائحة كورونا والكيفية التي واجه العلم هذه الأزمة المعقدة، وهو هنا لا يهاجم العلم أو العلماء بل يحاول تحصينهما وتشخيص حدود العلم وقدراته إزاء هذا النوع من الأزمات. ورأيت في منظور هذه الحلقة ما يفيد في تأمل مسألة النظرة إلى العلم لوحده كحل لهذه الأزمة فترجمتها أدناه.
لكن قبل ذلك اسمحوا لي أن أذكر هنا بعض الملاحظات والتأملات حول جائحة كورونا وما كرّسته (وما زالت) من نظرة جديدة على مجال مهم في حياتنا المعاصرة، ألا وهو العلم.
ما من إنسان عاقل في هذا العصر الجديد إلا ويحترم العلم وممارسوه وخبراؤه على اختلاف تخصصاتهم، لكن لا يعقل أن يصبح العلم بحد ذاته هدفا أو ينظر له نظرة التقديس -سواء تقديسا جَهريا أو عمليا. فمفهوم “العلموية” ظهر منذ القرن التاسع عشر وملخصه إعلاء قيمة البحث التجريبي فوق أية قيمة أخرى. و العلموية
الذي يتركز تفسيره في أن الإنسان الحديث أصبحت بيده مقاليد الأشياء كلها (أي أنه أصبح “قادرا على كل شيء”). ويبدو أن هذا الإنسان الحديث “أو الحداثي” أخذ ينظر للماضي نظرة فوقية نوعا ما، لأنه بحكم امتلاكه أدوات لم يمتلكها أسلافه قد يعتقد أنه “أفضل منهم”. ومن هنا تأتي أزمة هذا الإنسان الذي اصطدم-كما اصطدم من قبله- بجائحة جديدة مع أنها تتكرر كل قرن ونيف، فأرغمته على تغيير طريقة تفكيره وربما جعلتها أكثر جدية، فعلامات الأخطاء والارتباك والحيرة ظلت كما هي ولم تختلف كثيرا عما سبق من عصور.
على أن مما لا شك أن طريقة تلقي الإنسان الحديث المؤمن بالعلموية والإنسانوية -أو حتى الأنظمة الدولية التي تسير على هذا النهج- تختلف عن سلفه حيث السعي لسرعة تدارك تداعيات الجائحة. لكن من المبكر الحكم على النتائج التي قد تتطلب دراستها سنين طويلة.
غير أن ما لمسناه جميعا أن الإنسان الحديث (واعتقاده الجديد بالعلم) وقف أمام الجائحة متلعثما متخبطا ومتناقضا مرتبكا، مع كل الأدوات الحديثة التي بحوزته. وبالتالي، يتجلى أن التفاوت بين إنسان عصرنا وسلفه القديم إنما هو تفاوت تقدمٍ نسبي محض لا تفاوت هائل يجُبُّ ما قبله، ولا مفر لإنسان العصر الحديث من التواضع أمامه.
وهكذا، يقدم لنا فريد زكريا “منظوره” حول مسألة العلم ودوره وحدوده وقيوده في أزمة جائحة كورونا عبر دقائق وجيزة لكن لا ينقصها التحفيز على توليد أفكار أخرى أكثر إبداعا، سواء أيدت أم ناقضت نظرته.