أحييكم أيها الأخوة والأخوات الكرام، وأستكمل معكم اليوم مجددا لسلسلة لنوعية أفلام كنا قد بدأناها معا ونستكملها عبر هذه الرائعة الجديدة.
وقبل تقديم عملنا اليوم اسمحوا لي بالبداية بعرض ما قدمناه سابقا
بسلسلة روائع يابانية معاصرة حسب الترتيب
وهي كالتالي:
وأقصد بهذه التسمية “روائع يابانية معاصرة” أنها بخلاف السينما النمطية التي تعلق بأذهان الكثيرين كأفلام الساموراي والياكوزا والخيال والسحر، لها طابع العصر الحديث بالإضافة لكونها أعمال تعتبر من الانتاجات المميزة والتي تصنف فنيا بمستويات عالية عموما.
جناية عند أطراف الـبـحـيـرة
مشاهدة مباشرة للفيلم
وفيلمنا اليوم من إخراج المخرج الياباني المميز شينجي أيوما ومن بطولة النجم الياباني المعروف كوجي ياكوشو والذي كنا قد أشرنا إليه بأكثر من موضوع بهذا القسم، وشاركه بالبطولة هيروكو ياكوشيمار التي خطفت أنظار النقاد والمهتمين وحازت على العديد من الجوائز عن دور الأم والزوجة التي تمتلك عيونا ترى بها أطيافا مبهمة للمستقبل. وشارك بالبطولة عدد من الممثلين من أبرزهم المخضرم أكيرا إيموتو الذي كنا قد تحدثنا عنه بالموضوع السابق ترجمة Villain. والعمل مقتبس من رواية للمؤلف الياباني كايجو هيجاشينو بعنوان ضفة البحيرة.
كوجي ياكوشو… والبحيرة
هيروكو ياكوشيمار… وعيون المستقبل
والمخرج شينجي أيوما برز بالعديد من الأعمال التي أخرجها للشاشة الكبيرة. ومن أبرز ما قدمه فيلم Eureka الذي كان قد ترجمه للمنتدى مؤخرا الزميل العزيز أحمد البوقس. وكذلك فإن المخرج بدأ بداية قوية من خلال فيلم Helpless انتاج عام 1996 وبرز به الممثل تادانابو آسانو (Kabei Our Mother – Thor). أما بفيلم قضية جناية عند أطراف البحيرة فيستخدم المخرج لغة سينمائية تدهش المشاهد عبر تصوير من زوايا صعبة تخدم فكرة كل مشهد على حدة، وتتسق مع جو العمل ذي الطابع الغامض والمشوق. ونلاحظ هنا هيمنة اللون الأزرق (لوني المفضل) على لوحة الفيلم التي أراد المخرج تقديمها، ومع أنه يدعو بمعظم الأحيان إلى الراحة النفسية، إلا إنه يشير هنا لزرقة المياه أو البحر. وكما نعلم فإن الماء في جوهره حياة، ولكنه إذا هاج وماج فإنه سيؤدي للموت. والماء كذلك يستر في بطنه وقعره ما لا تراه العيون حيث يوجد ما هو جميل ومفيد وقد يوجد كذلك ما هو قبيح وقاتل. وبالتالي فإن أيوما استثمر فكرة الماء أو البحيرة الهادئة ليعكسها بنفوس شخصيات العمل لكي يكشف ظاهرها ثم باطنها مع اقتراب بزوغ شمس الحقيقة. إلا إن العمل قد جعل من إطاره العام فكرة الرعب والتخويف وهذا قد يقلل من تأثير وعمق الرسالة التي يراد لها أن تحدث صدى لدى المشاهد، ولكن بالوقت نفسه فإن هذه الرؤية السينمائية قد تسمح للرسالة -إن كانت صاعقة وخطيرة- من إحداث الصدمة التي يسعى لها العمل. وهذا يعني بطريقة أو بأخرى، أنه ليس بالضرورة اعتبار كافة أنواع أفلام الرعب على أنها لا تناقش سوى أفكار سطحية وساذجة يراد منها شحن الإدرينالين بدماء المشاهدين. فمن الممكن إذا ما توفر صناع أفلام جادين استغلال فكرة الرعب كوعاء لتقديم رسالة ذات مضامين وأفكار تثير النقاش على الأقل. وهذا ما برعت وحذقت فيه السينما الآسيوية كثيرا، وسنقدم نموذجا على هذا عبر عملنا القادم بإذن الله الفيلم الكوري Spider Forest (ما لم قد يكن ترجم سابقا). وأنصح بمراجعة موضوع الاستاذ ابو جراح العتيبي الخاص بهذا الشأن: رسومات فنية في لوحات آسيوية من كوريا الجنوبية.
المخرج شينجي أيوما
بحيرة تخفي أكثر مما تظهر
الدرس الصعب
رسالة إلى مجتمع… منافق!
يُفترض بكل عمل هادف أن يحمل مضمونا يرتقي بأفكار المشاهدين ويحفّزهم على طرح الاسئلة الصعبة، وكلما ازداد عمق الموضوع صعبت الاسئلة. ولعل المسألة المطروحة هنا تتجاوز بكثير حبكة الفيلم من تعقيدات الشأن التعليمي والأكاديمي وما أدى إليه لهاث المجتمع نحو هدف قد يبدو وهما بمعظم الأحيان. فالسؤال الذي سيفرض نفسه بعد مشاهدة العمل هو كالتالي: هل نحن مجتمع غير سوي تصل به ظواهره السيئة إلى حد النفاق وإنكار الواقع؟ ليس من السهل تصور إجابة مقنعة يتفق عليها الجميع قبل محاولة فهم معنى النفاق هنا. المقصود هو إنكار العيوب والسيئات التي تتكاثر ما بين جنبات هذا المجتمع أو محاولة الهروب من مواجهتها وعلاجها، لأن العلاج مكلف على الأطراف المستفيدة من الوضع القائم. ونفاق المجتمع يبدأ من الأسفل ليصل بالنهاية للقمة. بمعنى أن أي سلطة سيئة وطاغية لن تجد لها مكانا لو لم تتوفر لها قاعدة اجتماعية مليئة بظواهر الفساد والقمع والسلبية تحميها وتبرر لها أفعالها وسلوكياتها المشينة تجاه الشعوب التي تحكمها. وهنا تبرز حقيقة أن سيطرة هذه الظواهر على المجتمع ستؤدي لانعدام ميزة النقد الذاتي الذي يعتبر ضروريا لعملية الإصلاح. أما المجتمعات التي ينخر بها سوس النفاق والكذب والتعالي على النفس والآخرين فلا تمتلك أدوات تؤهلها لقيادة عملية إصلاح حقيقية. وما يثير المرارة أن كل هذا السوء يبدأ بنوايا حسنة وطيبة فتُترك الأمور على عواهنها بلا تحديد لمقدرات المجتمع وحدوده، وهذا مرده لتفشي الجهل وانحطاط التعليم المستنير. فيكبر الفساد بكافة مظاهره ككرة الثلج ولا نجد من يستطيع الوقوف بوجهه، فيستغل هذا الوضع المزري اجتماعيا السلط الحاكمة التي ستنشر خيوط سيطرتها العنكبوتية لتزيد تكبيل المجتمعات المثقلة أصلا بداء الظلامية والجهل والنفاق. هذا هو حال شعوبنا العربية التي تفككت لحمة مجتمعاتها وأصبحت قابلة للكسر من قبل جميع القوى المفسدة سواء الأنظمة الحاكمة التسلطية أو اللصوص الكبار ومصاصي الدماء أو الخونة والعملاء للقوى الأجنبية الشريرة أو كلهم مجتمعين. لعل الصورة ليست بهذه القتامة وإلا تحولت الأرض إلى جحيم، فهناك أمل ما دام هناك أناس لهم ضمائر حية لا تموت، ولهم القدرة على تسمية الأسماء بمسمياتها، فلا يكون الطاغية المستبد عادلا حكيما ولا اللص والحرامي الكبير هو المستأمن على المال العام ولا الخائن والعميل هو من يدعي الدفاع عن البلاد والعباد. والإنسان المخلص هو من يقيس هذا المقياس بنجاح على مجتمعه وأمته.
تمت الترجمة على النسختين التاليتين
Lakeside.Murder.Case.2004.DVDRip.XviD-HanStyle
اسطوانتين
The.Lake.Side.Murder.Case.2004.DVDRip.AC3.x264-LooKMaNe
يرجى الانتباه إلى أن الفيلم للكبار فقط
أتمنى لكم وقتا طيبا،
وتقبلوا مني أطيب تحية
فيصل كريم