بسم الله الرحمن الرحيم

أعود لكم أيها الأحباب بعد رحلة بمهمة خارج البلاد وقد تمت والحمد الله على أكمل وجه بفضل الله ومن ثم دعواتكم الكريمة. ولم أرضَ أن أعود خاوي الوفاض هكذا بعد العودة. فكانت هذه الترجمة لهذا الفيلم الجيد والمسلي.

فيلم Suspiria من نوعية أفلام الرعب والإثارة الشديدة وهو عمل من إخراج المخرج الإيطالي (داريو آرجينتو) المتخصص بأعمال الرعب والاثارة والجريمة النفسية أو كما يطلق عليها بالإيطالي Giallo (أو الأفلام الصفراء) وهي مجموعة من الافلام التي انتشرت جماهيريا في فترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي وهي بمجملها أعمال رخيصة التكاليف. لكن بعضا منها كانت ذات أفكار جيدة وجهد سينمائي طيب. وفيلمنا اليوم يستحق الوقوف عنده من هذه الناحية.

هاربر بالمنتصف وماجنولفي يمينا وكاسيني يسارا

تتلخص حبكة الفيلم أن فتاة أمريكية تصل إلى ألمانيا حيث تريد تعلم فن الباليه بأشهر المدارس الأوروبية التي تعلم الفتيات هذا الفن الجميل. لكن الفتاة تصطدم بواقع مرير بتلك المدرسة يجعل من أمر الباليه شأنا ثانويا تماما.

توظيف متقن للألوان

ويشدنا الفيلم ليس بسبب عامل الرعب والتشويق فقط بل أيضا بمستوى الاخراج والسيناريو المحكم من آرجينتو وطاقمه الفني عموما. وما شدني هو ذلك التوظيف الجيد للألوان ودرجة تعبيرها عن الموقف، فنلاحظ تدرجا إنسيابيا ما بين ألوان الطيف المختلفة وكذلك رقتها وشدتها مع اختلاف قوة المشهد. وقد تمكن طاقم التصوير من التعامل بشكل طيب مع تدرج الألوان وتوظيفها بشكل يناسب الإضاءة سواءا بالظل أوالاضاءة الساطعة. وهذه نقطة تحسب لصالح الفيلم إضافة إلى التقنيات السينمائية الأخرى التي عمل بها المخرج داريو آرجينتو.

داريو آرجينتو

لا شك أن الفكر الابداعي لا يقتصر على الأفكار الأصلية وحسب، بل كذلك تحتل الأفكار المقتبسة حيزا لا بأس نحو التجديد والمعاصرة. ولا نخفي أن قصة الفيلم مستوحاة من قصة الأطفال الكلاسيكية “الأميرة والأقزام السبعة”، لكن يجب على الجميع نسيان هذا الأمر تماما لأن المعالجة مختلفة والجو العام لمن يتوجه له الفيلم كذلك مختلف كليا. وقد يعلم البعض منا أن هذا الفيلم يشكل بداية ثلاثية آرجينتو عن أفلام الرعب الخاصة بأصل الشرور والغموض حيث تلى هذا العمل بفيلم Inferno عام 1980 ثم أنهاها بالفيلم الذي عرض مؤخرا وهو La Terza Madre من بطولة ابنته الممثلة الإيطالية الشهيرة آسيا آرجينتو. ومن المثير أن نعلم أيضا أن المخرج داريو آرجينتو أراد من خلال السيناريو الأصلي للفيلم أن تكون ممثلات الفيلم ممن لا تتجاوز أعمارهن سن الثانية عشرة، ويتبين لنا هذا من خلال الحوار الطفولي ما بين راقصات الباليه بالفيلم أو بالأحرى بطلات الفيلم جسيكا هاربر وستيفانيا كاسيني وباربرا ماجنولفي وغيرهن حيث ينحو السيناريو نحو السذاجة بعض الشيء. فكانت الفكرة الأولية أن تكون الممثلات من الأطفال، إلا أن منتج الفيلم (وهو والد داريو أيضا) سلفاتوري آرجينتو أكد أنه سيتم منع الفيلم إذا ما اشترك أطفال ببطولته، ولكن يبدو أن داريو لم يغير من السيناريو كثيرا على أي حال. وقد يعمل القائمون على اعادة فيلم Suspiria هذا العام على وضع الأطفال بهذا الفيلم المرعب حتى يتحقق منظور آرجينتو الغامض.

وتمنياتي لكم بقضاء وقت طيبفيصل كريم