بسم الله الرحمن الرحيم
أقدم في هذا الموضوع السلسلة الوثائقية التي ترجمها الزميل أحمد عبد الله الزعبي
The Knights Templar
فرسان الهيكل
كان الأخ أحمد الزعبي قد انتقى هذه السلسلة المميزة التي انتجتها قناة التاريخ لترجمتها سماعيا (أي بلا ملف نصي لحوار الفيديو) وهي من أصعب أنواع الترجمات المرئية (السطرجة) وتحتاج لتنفيذها مترجمًا كفأً ومتمرسًا. غير أن صديقنا أحمد الزعبي أهل لهذه المهمة المضنية، فهو ممن درسوا اللغة الإنجليزية وآدابها وألفوا لهجات أقوامها وألسنتهم. وقد تلمست عن قرب كيفية تعامل المترجم مع تطويع الترجمة وسماع مفرداتها وتعابيرها حيث كان لي تواصل معه إبان تلك الفترة (أعتقد أنه في ربيع سنة 2012 وصيفه) ولاحظت دقته في سماع الحوار ومحاولة التغلب على عدم وضوح نطق بعض الألفاظ، على قلتها. وهذه من أساسيات ممارسة الترجمة السماعية التي تقترب شيئا ما من ترجمة شفهية يُطلق عليها “الترجمة التتابعية” Consecutive Translation وكان بالفعل تخديا أنجزه أبو تيسير بعد خروج هذه الترجمة إلى النور. ترجمة السلسلة قدمها أحمد الزعبي في منتدى الديفيدي العربي في تلك السنة ونقلتها مواقع عديدة آنذاك.
لن أتحدث عن موضوع السلسلة كثيرا، سوى أنه يشير لإحدى الحلقات الغامضة والمريبة في تاريخ الحملات الصليبية. وإن جاز لنا أن نوصل تلك الحلقات القديمة بتتابع الحملات الصليبية الجديدة على العالم العربي والإسلامي في القرنين التاسع عشر والعشرين -وهو ما أعتقد بصحته وإن خالفنا كثيرون- فلا بد من تمييز غلبة البعد الديني على الحملات الصليبية القديمة وإدراك سياقاته وودوافعه كما ستوضحها هذه السلسلة، على أن النقطة المفصلية في هذه المسألة التاريخية الخطيرة أن البعد الديني ليس هو العامل الوحيد المهيمن على هذه الحملات بل هو شكل جديد من أشكال الصراع بين الغرب والشرق. فعلى سبيل المثال لا الحصر، عندما غزا الإغريق بقيادة الإسكندر المقدوني بلاد الشرق إثر انتصاره على الفرس في معركة غوغميلا (أو تل الجمل) سنة 331 قبل الميلاد، أو عندما فتح الرومان منطقة الشام واحتلوها بعهد بومبيوس الكبير سنة 64 قبل الميلاد، لم يكن هؤلاء أو أولئك من الصليبيين أو النصارى بل نسبوا إلى الغرب الأوروبي كما هو حال ملوك أوروبا المسيحيين ممن شنوا الحملات الصليبية في العصور الوسطى، وكما ينطبق على زعماء الغرب الحاليين سواء في الولايات المتحدة أو ممن تحالف معها من البلدان الغربية الأوروبية. لعل هذا يفسر شكل الصراع الحقيقي بغض النظر عن تغير أشكاله وأقنعته. هذه مجرد إضاءة بسيطة لإدراك طبيعة هذا الصراع الثقافي والجغرافي والاستراتيجي، وظني أن من الواجب فهم الصورة الأكبر قبل الولوج إلى التفاصيل العسيرة كمسألة فرسان الهيكل وتعقيداتها والقصة المأساوية التي أودت بهم في النهاية إلى مهالك عظيمة.
حلقات السلسلة
الحلقة الأولى
الأصـــول
وتبحث هذه الحلقة في جذور هذا التنظيم وكيفية نشوئه وأهدافه التي سعى
إلى تحقيقها في البداية وكيف تغيرت هذه الأهداف – كما سنشاهد لاحقًا –
وتحوله من تنظيم ديني ومدافع عن الحجاج والكنيسة
الكاثوليكية إلى أكبر منظمة تجارية آنذاك.
الحلقة الثانية
المؤسسة
ويتحدث عن الشبكة الإقتصادية والتجارية التي كان يديرها
فرسان الهيكل والأعمال المصرفية التي برعوا فيها
والمستعمرات الزراعية التي أسسوها
وأصبحت تنافس أملاك ملوك أوروبا..
الحلقة الثالثة
خط الجبهة
تناقش هذه الحلقة حقيقة فرسان الهيكل كمحاربين للرب كرّسوا أنفسهم
للقتال والموت في سبيل هدفهم، وتتحدث عن الحروب التي خاضوها
وخططهم واستراتيجيتهم العسكرية وأبرز مواجهاتهم مع المسلمين
في الأراضي المقدسة.
الحلقة الرابعة
الأسطورة
تتحدث عن الأيام الأخيرة بحياة هذا التنظيم والأسباب التي كانت وراء
القضاء عليه بعد 200 عام من تأسيسه وعلاقته بالجماعات والتنظيمات
السرية التي جاءت بعده كالماسونية، وتوضح الحلقة أيضًا حقيقة كنوز
فرسان الهيكل المفقودة مثل الكأس المقدس وكفن “تورينو” كما أشرت سابقًا.
تحديث: أبلغني الأخ أحمد الزعبي بعد اتصال لي معه أن الموضوع الذي قدم فيه ترجمة هذه السلسلة موجود ولم يضع مع مواضيع منتدى الديفيدي الضائعة. فتبين أنني نقلته بنفسي إلى منتدى واتا، ونسيت. فقلت لأبي تيسير لا بد أنها من أعراض (الزهايمر)، لكنني بررت نفسي بشجاعة متأخرة أنني لا أخفي خرفي كما يخفيها آخرون، فضحكنا سويا 😂😂😂
المهم هنا الموضوع المميز الذي كتبه أحمد الزعبي في مسألة “فرسان الهيكل” أضعه للقراءة ومزيد من الاستفادة هنا
يُـسعـدني أيها الأخوة أن أقدم لكم الترجمة السماعية لسلسلة تاريخية تحمل بين طيّاتها الكثير من الأسرار والألغاز.
لــقــد حـان الـوقـت لإمـاطـة اللثام عــن واحــدة مــن أكـثـر التنظيمـات غموضًـا. لقد تزامنت بـدايـة انطلاقتهم مـع
الحملات الصليبية الأولى، ومالبثوا أن انتزعوا نفوذاً سياسيـاً كبيراً، وكوّنوا أعظم قـوة مالية فـي العصور الوسطى.
شائعات وأقاويل سرت عن امتلاكهم للكأس المقدسة وكفن “تورينو” وتابوت العهد. إنها قصة منظمة تأسست لحماية
الـحـجـاج الـمـسـيـحييـن بالأراضــي المقدسة بعد سيطـرة الصليبيين على القدس في أعقاب الحملة الصليبية الأولى،
وانقرضت منذ 7 قرون، لكن صداها مازال يتردد عبر تنظيمات ومجتمعات سرية قيل بأنها على علاقة بهذه المنظمة
وأبرزها الماسونية، إنهم بلا شك (فـرسـان الـهـيـكـل – أسطورة الحروب الصليبية).
فرسان الهيكل أو فرسان المعبد
هي جماعة ترجع في جذورها إلى العصور الوسطى، وتعرضت للكثير من التغيير عبر القرون. كانت بدايات فرسان المعبد دينية،
واستخدموا السمعة والاستثناءات بطريقة أهّلتهم مع الوقت ليصبحوا تنظيماً له جذور اقتصادية وشبكات تجارية وأساطيل شحن
ومؤسسات مصرفية، موقظاً مشاعر الكراهية والخوف في قلوب المجتمع المسيحي، ولا شك أن السجلات التي تعود إلى محاكمة
فرسان الهيكل عام 1307، والوثائق التاريخية التي تؤرخ لحقبتهم تكشف عن تلك الحقائق. فقد أثبتت النتائج التي ظهرت من الوثائق
والأبحاث التي أجراها المؤرخون المختصون في هذا المجال، أن فرسان المعبد انحرفوا عن هدفهم الأصلي بعد تأسيس تنظيمهم بوقت قصير،
وبدأوا يتبعون تعاليم فاسدة ومنحرفة، تاركين المسيحية وراءهم. حيث يعتبر فرسان الهيكل كل طريقة تقودهم إلى الثراء والقوة شريعة مقدسة.
في البداية كان فرسان الهيكل أتباع الكنيسة الأوفياء، وبنهاية المطاف لم يستطع البابا “كليمنت” الخامس مجاراة تصرفات التنظيم
والتستر تحت عباءته، لذا لم يكن أمامه سوى الإعلان عن إلغاء هذه الجماعة في عام 1312.
يُطلعنا البرنامج بداية على سبب تسمية الجماعة باسم فرسان الهيكل، فقد آمن الصليبيون بأن المسجد الأقصى مشيّد على بقايا هيكل سليمان،
والفرسان الذين أقاموا فيه مـع الحملة أصبحوا يُعرفون بفرسان الهيكل. كـان فرسان الهيكل يُشكلون النخبة العسكرية ورأس الحربة للكنيسة
الكاثوليكية في العصور الـوسطـى، وبعد مرور 200 عام فقط على تأسيسها تم إحراق قـادة تنظيماتها وهـم أحياء وتعرضـت ثروتها للنهـب
على يد “فيليب” الرابع ملك فرنسا.
ففي الساعات الأولـى من الـ13 من أكتوبـر لعام 1307، قـام مسؤلـو “فيليب” باحتجاز فرسان الهيكل في الجزر التي يسيطر عليها الملك،
ووجّـهـوا إلـيـهـم اتـهـامـات مـتـنـوعـة تتعلق بالهرطقة والفجور وعبادة الأوثان، وانتزعوا اعترافات منهم كانت سببًا فـي مصادرة أمـوالهـم
وأراضيهم وإحراق عدد كبير منهم بعد محاكمة صورية، حيث يُصور البرنامج جميع تفاصيل المحاكمة والأحكام التي تلقوها.
عند الحديث عن فرسان الهيكل، لا بد من التعريج على الحملات الصليبية، حيث تأسست الجماعة
بعد الحملة الصليبية الأولى، وسيقتصر حديثنا عن النقاط الرئيسية في الحملات والمناطق التي احتلتها.
الحملات الصليبية والصراع بين الشرق والغرب
لقد كانـت الحملات الصليبية التجسيـد الأكبـر للصراع الأزلـي بين الشـرق والغـرب، وما من شك أن الهدف الرئيسي من ورائها
الأسباب والدوافع للحملات الصليبية
رغم اختلاف المؤرخين في أسباب ودوافع هذه الحملات نوجز هنا بعضًا منها:
أولاً: تهديد السلاجقة باحتلال القسطنطينية واستنجاد الامبراطور البيزنطي بالبابا والدول المسيحية.
ثانيًا: إدعاء زوار بيت المقدس من المسيحيين بمضايقة المسلمين لهم وانتهاك حرمات الأماكن المقدسة المسيحية.
ثالثًا: سوء الحياة الاجتماعية والإقتصادية في أوروبا.
وبوجود الأسباب السابقة، لا يعني انعدام الدافع الديني في تلك الحقبة الزمنية، فكثير ممن شارك في تلك الحروب كانوا مدفوعين بالحافز الديني،
فقد استخدم البابا “أوربان” الثاني خطبه لإثارة النفوس ودفع الناس للإنضمام إلى الحملة الأولى.
البابا أوربان الثاني
.
الحملات الصليبية حسب التسلسل الزمني
إن العدد الثابت والمؤكد للحملات الصليبية هو 8 حملات بدأت أولاها بالعام 1096
وكانت آخرها حملة “لويس” التاسع على تونس عام 1270.
الحملة الصليبية الأولى
(1096 – 1099)
في العام 1093 قدم إلى بيت المقدس الراهب الفرنسي “بطرس الناسك” للحج والزيارة ويبدو أنه اغتاظ لرؤية سيطرة المسلمين
على الأماكن المقدسة المسيحية فعزم على تخليصها من قبضة المسلمين. وفي طرق عودته إلى فرنسا مرّ الراهب بالبابا “أوربان” الثاني
وأطلعه على الأحوال هناك وكان البابا في ذلك الوقت مقتنعًا بفكرة الراهب حول طرد المسلمين من فلسطين واتخذه أداة للترويج لهذه الحملة.

بطرس الناسك وهو راكع أمام البابا أوربان الثاني
قاد بطرس الناسك مجموعة غير مدربة عُرفت بالفلاحين الصليبيين. وطالبت عناصرها بالطعام والمأوى أثناء تحركهم عبر أوروبا الشرقية
باتجاه القسطنطينية، ولمّا عمد هؤلاء الفوضويون إلى السرقة قتل الكثيرون منهم على يد الأوروبيين الغاضبين وقضى الأتراك
على عدد كبير من البقية الباقية منهم في آسيا الصغرى.
أما الجيوش الأساسية التي أرسلها البابا تألفت من الفرنسيين المدربين جيدًا والفرسان النورمنديين،
وانضمت إليهم القوات البيزنطية في القسطنطينية وبعد ذلك انقسم الجيش وسار الأوروبيون نحو القدس، وخاضوا العديد من المعارك الدموية
على طول الطريق، وكان أكثرها صعوبة حصار أنطاكية، حيث هلك الكثيرون بسبب الهزيمة التي ألحقها بهم الأتراك، ورحل الآخرون.
ووصل الأوروبيون إلى القدس في عام 1099م، واستولوا على المدينة المقدسة بعد ستة أسابيع من القتال، ثم عاد معظمهم لأوطانهم.
وقسّم القادة الأراضي التي احتلوها إلى أربع دول سمّوها دول الصليبيين اللاتينية،
وتضم مقاطعة إديسا (الرها) وإمارة أنطاكية، ومقاطعة طرابلس، ومملكة القدس.
أولاً: تهديد السلاجقة باحتلال القسطنطينية واستنجاد الامبراطور البيزنطي بالبابا والدول المسيحية.
ثانيًا: إدعاء زوار بيت المقدس من المسيحيين بمضايقة المسلمين لهم وانتهاك حرمات الأماكن المقدسة المسيحية.
ثالثًا: سوء الحياة الاجتماعية والإقتصادية في أوروبا.
فقد استخدم البابا “أوربان” الثاني خطبه لإثارة النفوس ودفع الناس للإنضمام إلى الحملة الأولى.
.
الحملات الصليبية حسب التسلسل الزمني
وكانت آخرها حملة “لويس” التاسع على تونس عام 1270.
الحملة الصليبية الأولى
(1096 – 1099)
على الأماكن المقدسة المسيحية فعزم على تخليصها من قبضة المسلمين. وفي طرق عودته إلى فرنسا مرّ الراهب بالبابا “أوربان” الثاني
وأطلعه على الأحوال هناك وكان البابا في ذلك الوقت مقتنعًا بفكرة الراهب حول طرد المسلمين من فلسطين واتخذه أداة للترويج لهذه الحملة.

بطرس الناسك وهو راكع أمام البابا أوربان الثاني
وانضمت إليهم القوات البيزنطية في القسطنطينية وبعد ذلك انقسم الجيش وسار الأوروبيون نحو القدس، وخاضوا العديد من المعارك الدموية
على طول الطريق، وكان أكثرها صعوبة حصار أنطاكية، حيث هلك الكثيرون بسبب الهزيمة التي ألحقها بهم الأتراك، ورحل الآخرون.
وقسّم القادة الأراضي التي احتلوها إلى أربع دول سمّوها دول الصليبيين اللاتينية،
وتضم مقاطعة إديسا (الرها) وإمارة أنطاكية، ومقاطعة طرابلس، ومملكة القدس.
خريطة للدول التي جاءت منها جيوش الحملة الصليبية الأولى
خريطة سير الحملة الصليبية الأولى
بعد نجاح هذه الحملة أمكن للصليبيين إقامة إماراتهم ودويلاتهم في المشرق
ومنها إمارة الرها وإمارة أنطاكية وإمارة طرابلس ومملكة بيت المقدس.
وهذه خريطة للدولة الصليبية بعد الحملة الأولى.
أسباب نجاح الحملة الصليبية الأولى
إن أهم أسباب نجاح هذه الحملة يكمن بالإنقسام بين الأمراء والسلاطين في العالم العربي آنذاك
حيث سجّل التاريخ صورًا محزنة للتخاذل في المشرق بينما تسقط المدينة تلو الأخرى بأيدي الصليبيين.
الحملة الصليبية الثانية
(1147 – 1149)
دعا إليها القديس “برنارد كليرفو” بعد أن استرد عماد الدين زنكي الرها، ومن ثم تضافرت الجهود في أوروبا من أجل مساندة الوجود الصليـبي في الشرق،
ومساعدته على الصمود والبقاء وعدم الانهيار. وأسفرت تلك الجهود عن تبني فكرة “الحملة الصليبية الثانية”، وقد تألفت تلك الحملة من جيشين كبيرين
على رأس أحدهما “لويس السابع” ملك “فرنسا”، ويقود الآخر “كونراد” الثالث إمبراطور ألمانيا، وقد عرض عليهما “روجر” الثاني ملك صقلية
أن يقدم لهما المساعدة للوصول إلى الشرق عن طريق البحر، ولكنهما رفضا هذا العرض بسبب العداء بين النورمان في صقلية من ناحية،
وفرنسا وألمانيا من جهة أخرى، ولذلك فقد تقرر أن تسير الحملة براً إلى بلاد الشام، وتم الاتفاق بأن يأتي “كونراد” أولاً إلى الشرق،
ثم يلحق به “لويس” والفرنسيون إلى “القسطنطينية” حتى لا يؤدي مسير الجيشين معًا إلى صعوبة في التموين.
خارطة توضح سير الحملة الصليبية الثانية
وصل جيش الصليبيين بقيادة “كونراد” الثالث إلى حدود الدولة البيزنطية في عام 1147، فأعلن الإمبراطور البيزنطي “مانويل كومنين” عن استعداده للسماح للصليبيين
بالمرور من أراضيه، وإمدادهم بالمؤن؛ بشرط أن يتعهدوا بالولاء له، وتسليمه كل ما يستولون عليه من البلاد في آسيا، ولكن “كونراد” رفض هذه الشروط، وساءت العلاقات
بين الصليبيين والبيزنطيين، فأسرع الإمبراطور البيزنطي إلى عقد الصلح مع السلطان “مسعود” سلطان السلاجقة، وبدأ سلسلة من المعارك ضد الصليبيين انتهت بإجلائهم
عن الشرق الإسلامي، وقاد الحملة الصليبية ملك فرنسا “لويس” السابع و”كونراد” الثالث الألماني، وقاد الجيوش الإسلامية نور الدين الزنكي الذي خلف أباه عماد الدين،
واستطاع أن يستولي على بعض ما كان قد احتله الصليبيون، وأسر “جوسلين” الثاني و”بوهمند” الثالث حاكم أنطاكية و“ريموند” الثالث حاكم طرابلس.
كانت الحملة الصليبية الثانية فشلا ذريعا للصليبيين، ونصرا للدويلات الإسلامية وأدت نتائجها إلى سقوط القدس وقيام الحملة الصليبية الثالثة في نهاية القرن الـ12.
كونارد الثالث إمبراطور ألمانيا
لويس السابع ملك فرنسا
الحملة الصليبية الثالثة
(1189 – 1192)
معركة حطين واستعادة بيت المقدس
تابع المسلمون مهاجمتهم للصليبيين،
لكن المدن الساحلية مثل صور، وطرابلس، وأنطاكيا، بقيت في أيدي الصليبيين.
إنطلقت هذه الحملة كرد فعل على سقوط إمارة الرها وبدعوة من البابا “ايجونيوس” الثالث وكان أبرز القادة الأوروبيين في هذه الحملة الإمبراطور الألماني “فريدريك” الأول
والملك البريطاني “ريتشارد” الأول (قلب الأسد) والملك الفرنسي “فيليب” الثاني (أوغسطس). غرق “فريدريك” وهو في طريقه إلى الأراضي المقدسة عام 1190م،
واحتل الصليبيون ميناءي عكا ويافا عام 1191م. ولما فشلت هذه الحملة في احتلال القدس، قام “ريتشارد” بقتل أسرى المسلمين، وعاد فيليب إلى بلاده.
عقد “ريتشارد” هدنة مع صلاح الدين لمدة ثلاث سنوات سمح بموجبها للمسيحيين بزيارة بيت المقدس. وبعد دخول صلاح الدين لمدينة القدس
أمـر بـغـسـل وتـطهـيـر قـبـة الـصـخـرة وإزالـة جميـع الأيقونات والرسـوم الصليبيـة، وعـلـى مـدى أسبـوع كامـل ظـل وجهاء القوم وعامتهـم
يعملون جنبًا إلـى جنب لغسل الجدران والأرضيات ورشها بماء الورد وإزالـة أي أثـر صليبي، وهـذا مـا أشار إليه البرنامج بكل وضوح.
استسلام الصليبيين للقائد صلاح الدين بعد معركة حطين
يتضح من هذه الحملة ومعركة حطين أن المسلمين ما كانوا ليدفعوا خطر الصليبيين لولا الوحدة
التي جمعت طرفي الأمة من بلاد الشام إلى مصر وهذا ما سعى إليه صلاح الدين وكان النصر حليفه.
ريتشارد قلب الأسد
الحملة الصليبية الرابعة
(1202 – 1204)
أقنع البابا “إنوسنت” الثالث الأوروبيين بالانخراط في الحملة الرابعة التي يفترض أن تتوجه للأرض المقدسة، إلا أن قادتها قرروا مهاجمة مصر لإضعاف
القوة الإسلامية وتعاقدوا مع تجار البندقية لنقلهم بالقوارب إلى مصر؛ ولكن لم يصل إلى البندقية إلا ثلث العدد المتوقع الذي لم يتمكن من دفع تكاليف السفن.
تحولت الحملة الموجهة لمصر إلى حملة معادية للامبراطورية البيزنطية وفي القسطنطينية واجه الصليبيون خصمًا ضعيفًا، فبيزنطة أرهقتها الحملات السابقة
واستسلمت القسطنطينية في العام 1203.
وبهذه الحملة يظهر بجلاء أطماع الصليبيين ودوافعهم التي لم يكن الدين وراءها على الإطلاق.
البابا إنوسنت الثالث
الحملة الصليبية الخامسة
(1217 -1221)
الصليبيون يدخلون مصر
عاود البابا “إنوسنت” الثالث الدعوة إلى حملة صليبية جديدة لتدارك ما فات، وفي الوقت نفسه طلب “جون دي بريان” ملك مملكة بيت المقدس في عكا
من البابا إرسال حملة على مصر، وقد حرص البابا على ضرورة إيفاد الحملة لتوفير الحماية الصليبية في الشام، بدأت قوات الحملة في التوافد على عكا
التي كانت ما تزال تحت السيطرة الصليبية، واستمر ذلك 4 سنوات حتى تكتمل وتتجه نحو مصر، وكانت خطة “جون دي بريان” تستهدف دخول مصر
عن طريق الإسكندرية أو دمياط، ولقيت الخطة قبولا من الصليبيين في بلاد الشام. خرجت الحملة الصليبية من عكا تحت قيادة “جون دي بريان” في عام 1218م،
واتجهت إلى دمياط، ونزلت على الضفة الغربية للنيل، وأقامت معسكرها على الشاطئ انتظارًا للهجوم ومواصلة السير عبر فرع دمياط إلى داخل البلاد.
كانت مدينة دمياط محصنة تحصينا قويا، تحميها سلسلة عظيمة تمتد عبر النيل وتحول دون دخول السفن المعادية من البحر إلى داخل مجرى النهر،
بالإضافة إلى برج السلسلة عند وسط مجرى النهر لحماية دمياط، ودفع أي عدوان يقع عليها. خرج الملك الكامل أكبر أبناء السلطان العادل للدفاع عن المدينة،
وأقام معسكره جنوبي دمياط، وقد عُرف هذا المكان منذ ذلك الوقت بمنزلة العادلية؛ قضى الصليبيون ثلاثة أشهر كاملة يهاجمون برج السلسلة
حتى تمكنوا في نهاية الأمر من الاستيلاء عليه في أغسطس 1218، وقطع السلسلة التي تعترض مجرى النهر، وكان ذلك نذير خطر للقوات المصرية
وفي أثناء هذه الأحداث تُوفِّيَ السلطان العادل، وخلفه ابنه السلطان الكامل.
انحصر الصليبيون وتبددت آمالهم في الزحف جنوبا نحو القاهرة،
ولم يبق لهم سبيل سوى أن يشقوا لأنفسهم طريقًا نحو قاعدتهم في دمياط، فحاولوا ذلك لكن الماء وجيش المسلمين حالا دون تحقيق آخر أمل لهم
في النجاة من المصير المحتوم، فأدركهم اليأس، ولم يبق أمامهم سوى طلب الصلح والجلاء عن دمياط دون قيد أو شرط، واتفق الطرفان على هدنة
مدتها ثمانية أعوام، وتم جلاء الصليبيين عن دمياط في 8 سبتمبر 1221 ودخلتها القوات المصرية ذلك اليوم.
مسار الحملة الصليبية الخامسة إلى دمياط
الحملة الصليبية السادسة
(1228 – 1229)
في صيف 1227 تجمع بضع عشرات من الآلاف من المجندين، معظمهم من المانيا والبقية من فرنسا وانجلترا وايطاليا في معسكر قرب “برنديزي” بقيادة الإمبراطور الألماني
“فريدريك” الثاني والبعض الاخر في ابحر إلى صقلية ولكن الامراض وقلة المؤون ومرض “فريدريك” أدى إلى تأجيل الحملة، لكن البابا الجديد “غريغوريوس” التاسع
حرم “فريدريك” الثاني من الكنيسة، فكان من البابا ان منع الحملة الصليبية ووصف فريدريك بانه قرصان وبانه يريد سرقة مملكة القدس فكانت اول حملة صليبية
لا يباركها البابا ولكن “فريدريك” الثاني لم يأبه فاستولى على قبرص ووصل إلى عكا، حيث بدأ المفاوضات مع السلطان الكامل أسفرت في فبراير 1229
عن صلح لمدة 10 سنوات تنازل بمقابله السلطان عن القدس باستثناء منطقة الحرم، وبيت لحم والناصرة وجميع القرى المؤدية إلى القدس، وقسم من دائرة صيدا.
في مارس 1228 توّج “فريدريك” الثاني نفسه بنفسه في كنيسة القيامة، فقد رفض رجال الدين تتويج الامبراطور المحروم من الكنيسة، وفرضت البابوية منعا
لممارسة الطقوس الدينية في القدس، ودفع البابا مواليه إلى ممتلكات فريدريك في ايطاليا، فاسرع “فريدريك” إلى المغادرة ونشب صراع مسلح ضد الحبر الاعظم
وفي سنة 1230 الغى البابا الحظر عن “فريدريك” وصادق في السنة التالية على معاهداته مع المسلمين.
الحملات الصليبية اللاحقة
أما الحملة الثامنة فقد كانت حملة أطلقها “لويس” التاسع ملك فرنسا، وكان ذلك في أواسط الخمسينات من عام 1270. تحتسب الحملة الصليبية الثامنة أحيانا
بأنها السابعة، في حال عدت الحملتين الخامسة والسادسة اللتان قادهما فريدريك أنهما حملة واحدة. كما تعتبر الحملة التاسعة أحيانا بأنها جزء من الحملة الثامنة.
إستطاع أخ “لويس” “تشارلز” إقناع لويس بأن يهاجم تونس اولا، حيث أن ذلك سيعطيه قاعدة قوية ليبدأ الهجوم على مصر، كان التركيز على حملة لويس
السابقة وكذا الحملة الصليبية الخامسة التي سبقته، واللتان بائتا بالفشل هناك. إن التعارض بين مصالح البابا والامبراطور الالماني سببا في الدعوة الباباوية
المستمرة إلى حملة صليبية جديدة، وكان الامبراطور الالماني يعارض البابا في تلك الحملة، وفي النهاية تحركت فصائل قليلة في ليون بقيادة الملك “تيبو دي نافار”
والدوق “هوغ” الرابع، وابحر القسم الاكبر في عام 1239م بدون حماسة كبيرة إلى سوريا، حيث حاولوا بإصرار من فرسان المعبد عقد حلف مع دمشق ضد مصر،
ولكن المصريين هزموهم قرب عسقلان في عام 1239، وبدأت المخاصمات بين الصليبيين، وبسبب تفشي الأمراض تم التخلي عن حصار تونس بإتفاق مع السلطان.
حصل الصليبييون على إتفاق تجارة حرة مع تونس، وتم الموافقة على وجود القساوسة والرهبان في المدينة، وبذلك يمكن اعتبار هذه الحملة نصرًا جزئيًا.
تحالف “تشارلز” مع الملك “إدوارد” الإنجليزي، وعندما ألغى تشارلز الهجوم على تونس، توجه إدوارد إلى عكا والتي شكلت آخر توجه صليبي إلى سوريا.
لوحة تبين الحملة الصليبية السابعة بقيادة لويس التاسع
.
نهاية الوجود الصليبي في المشرق
لـقـد كـان الفضل فـي القضـاء علـى آخـر وجـود صليبـي فـي المشـرق يـرجـع لـدولـة المماليـك التـي سطـّرت آخـر كلمات فـي صفحـة الحروب الصليبيـة
ووضعت خاتمة صراع استمر أكثر من 200 عام. ففي عام 1289م اتفق الصليبيون مع المغول في السر، وساعدهم حاكم دمشق الذي خان وتحالف معهم.
فـجمعوا جـيـشـًا بـلـغ تـعـداده 80 ألـف مـقاتـل وتـوجـهـوا لمـلاقـاة قـلاوون سلـطـان المماليـك، الذي استطـاع أن يـكسـر هـذا التحالف، ولاحـق فلول الجند
وفتح إمارة طرابلس، لكنه لم يستطع دخول عكا لقوة حصونها. وبقي مصمماً على فتحها لأن كل خطر الصليبيين كان يكمن فيها.
أعلن “قلاوون” الجهاد لفتح عكا، وأعلن الصليبيون بالمقابل الحرب الصليبية على المسلمين، وتوجه “قلاوون” بجيش عظيم نحو عكا، الا أنه توفي بالطريق،
وتولى الحكم بعده ابنه “الأشرف خليل” والذي أسماه “الأشرف خليل صلاح الدين” تيمناً بصلاح الدين الايوبي. تابع “الاشرف خليل” زحفه نحو عكا،
واستنجد بأهل الشام الذين أمدوه بجموع غفيرة.
بدأ حصار عكا بتاريخ 1291 واستمر الحصار الى ان سقطت عكا وباقي أرض فلسطين،
وهكذا تم القضاء نهائيًا على آخر تواجد صليبي في المشرق العربي،
وأُسدلت الستارة على آخر فصل من فصول الحملات الصليبية.
كلمة شكر وامتنان
أتوجه بالشكر بداية إلى أخي الأستاذ فيصل كريم على مجهوده الكبير معي
خلال الترجمات السابقة والترجمة الحالية، خصوصًا تدقيقه للحلقتين الأولى والثانية.
والشكر أيضًا للزميل المهندس محمد الصادي
على مجهوده بدمج الترجمة ورفعها بصيغة RMVB.
والشكر أيضًا للأستاذ محمد عوض لطرحه السلسلة في أرشيف الوثائقيات
قبل فترة طويلة وهذا ما لفت نظري لترجمتها.
وختامًا تقبلوا أطيب تحية من مترجم العمل
أحـمـد الـزعـبـي
والسلام عليكم ورحمة الله.
محمد العروسي المطوي، الحروب الصليبية في المشرق والمغرب، دار الغرب الإسلامي، (1953).
هارون يحيى، أصحاب المكائد السوداء فرسان المعبد والماسون، ترجمة ميسون النحلاوي.
د. محمود سعيد عمران، تاريخ الحروب الصليبية.
ستيفن ونسيمان، تاريخ الحروب الصليبية، نقله إلى العربية د. السيد الباز العريني، مكتبة الحياة، بيروت (1993).
هانس إبرهار دماير، تاريخ الحروب الصليبية، ترجمة عماد الدين غانم، مجمع الفاتح للجامعات، ليبيا (1990).
الموسوعة العربية العالمية.
ويكيبيديا، الموسوعة الحرة.