بسم الله الرحمن الرحيم
تقدم مدونة فيصل كريم الظفيري هذه الترجمة للفيلم العالمي (ساتيريكون) لمخرجه الإيطالي الراحل فيدريكو فيليني. وقد عرض العمل السينمائي ضمن نشاطات “استديو الأربعاء” في دولة الكويت في اليلة الماضية لتقديم هذا التقرير.
فيلم ساتيريكون لفليني إنتاج سنة 1969، ونال تقديرا نقديا عالي المستوى عالميا. وحصل العمل على ترشيح لأفضل مخرج في مهرجان الأوسكار الأمريكي سنة 1971، غير أن لجنة الأوسكار كرمت فيدريكو فيليني تكريما خاصا لمجمل أعماله السينمائية التي توجها بهذا الفيلم العميق الذي يدرّس في أكاديميات السينما العالمية، وقد حصل الفيلم كذلك على جائزة أفضل فيلم في مهرجان البندقية السينمائي سنة 1969، وعلى عدة ترشيحات وجوائز أخرى في مهرجانات مختلفة.
الفيلم يعتمد اعتمادا غير أساسي على رواية الأديب الروماني بترونيوس “ساتيريكون” وهي رواية تهكمية لاذعة تعرض نماذج غير محددة الزمن من الانحلال الخلقي للمجتمع الروماني خلال عهد الأمبراطور نيرون وبداية هبوط روما التدريجي والبطيء. لكن فيليني يأخذ القصة ليقدم منظورا شبه خاص ومستقل ومتفرد برؤيته السينمائية الصرفة. والعمل مدهش من ناحية المعالجة واللغة السينمائية الموضوعية، غير أن الشكل الذي تحتم عرضه للقصة ولد صعوبة في التقبل الجماهيري للعمل. فالمشاهد المغرقة في تصوير حالات المجون والمثلية والانحلال بل وحتى البذاءة تجعل من العسير على المشاهد العادي (وأنا من هؤلاء بطبيعة الحال) الوصول إلى انسجام مع أحداث الفيلم وحبكته غير المترابطة، وهذا بالتأكيد يدركه فيليني عند عرضه للفيلم ويقصده. إذ أن فكرته فلسفية ونقدية لاذعة مع عدم تجاهل الجانب الرمزي الذي لجأ إليه المخرج. وقد ذكر لي الأستاذ علاء الدين البربري الناقد والمخرج السينمائي “أن ساتيريكون يأتي تتويجا لمواضيع فيليني النقدية والساخرة لروما وعليها، لكنه هذه المرة لجأ إلى السخرية على روما القديمة لا الحديثة.”
من المعلومات الغريبة عن هذا العمل أن منتجا آخر اسمه ألفريدو بيني قرر انتاج فيلم باسم “ساتيريكون” في ذات السنة 1969، وقد سجل فيلمه بهذا العنوان فعلا. وهو ما أوقع فيليني ومنتجه ألبيرتو غريمالدي في ورطة لتشابه اسمي الفيلمين، فعمد الأخير إلى مقاضاة بيني في المحاكم الإيطالية. لكن غريمالدي وفيليني خسرا القضية، واضطرا إلى نسب الفيلم إلى فيليني ووضع اسمه في العنوان رسميا.
من الطرائف الواردة عن ساتيريكون فيليني أنه لجأ استخدام دبلجة صوتية متقلبة تجعل من تزامن الحوار للممثلين يظهر بشكل غير متناسق مع حركة شفاههم. وكان هذا الأسلوب متعمدا من قبل فيليني الذي أراد الاحتفاظ بنيته الأصلية بخلق جو من الغرابة العميقة في عموم الفيلم.
“الفيلم يقدم نمطية تعرض دراسة في التحليل الذاتي”، كما تذكر الوكيبيديا. فهو “يعطي المتفرج شعورا بأنه يتابع لأول مرة مشاهد من حياة لم يحلم بوجودها قط، ويجعله يشعر بالاضطراب وعدم الراحة”. والحقيقة أنني لمست ذلك بعد عرض العمل في استديو الأربعاء، إذ لم يتحمل بعض المتفرجين شدة وطأة تلك المشاهد، وهذا من طبائع الأمور، لاسيما عندما نضيف عامل الحاجز الثقافي. فهو فيلم يثير التحليل النفسي لدرجة كبيرة ويجعل من عامل التصور النفسي حاسما ولا مفر منه في العمل.

فيليني ممتطيا صهوة الكاميرا
لقد وصف فيليني عمله ساتيريكون أنه “رحلة خيال علمي نحو الماضي، كما لو أن ركاب مركبة فضائية مذهولين يتابعون ما يفعله الرومان في ذلك العصر المنحل والمتفسخ”. لذلك يصبح من غير المجدي الجدل حول ما إذا يقدم الفيلم تفسيرات مقنعة عن روما القديمة، أو حتى التركيز على قصة بيترونيوس ذاته؛ فأقل أجزاء الفيلم إثارة للدهشة والمفاجأة هي تلك التي تقترب من نص بيترونيوس أو التي يشوبها شيء من غموض الأهمية التاريخية (الويكيبيديا). ويقول فيليني: لكي نتخلص من الحد الفاصل بين الحلم والخيال، لا بد من أن نبتكر كل شيء، ومن ثم نجعل الخيال والفانتازيا موضوعيا.
هربت من هذه الترجمة، فاصطادتني
وجدت في سنة 2007 أو 2008 تقريبا أن فيلم “ساتيريكون”غير مترجم، فوجدتها فرصة لمصافحة جديدة مع مخرج ذائع الصيت كفيدريكو فيليني. لكنني بعد مشاهدة أول نصف ساعة تقريبا وجدت نفسي مصدوما مما أرى، فأحجمت عن هذه الترجمة، للعوامل المذكورة آنفا. فالفيلم كان أعقد من أن أفهمه أو أتفهمه. ويبدو أنني لست وحدي من شعرت هذا الشعور، فلم يترجم أحد هذا الفيلم منذ بداية صدور ملفه النصي الإنجليزي في اسطوانات الديفيدي، ولم تصدر له كذلك ترجمة “أصلية” من الشركات المنتجة. وألاحظ أن كثيرا من الأفلام غير المترجمة في السابق ترجمت حديث، إلى درجة أنك لا تجد شيئا تترجمه من الأعمال القديمة، اللهم تلك الأفلام التي لا يوجد لها ملف نصي للحوار، حيث يعاني معظم من يمارس الترجمة من عدم التأهيل والقدرة على الترجمة السمعية بكفاءة. وبذلك ظل العمل بلا ترجمة عربية إلى حين. ثم كان أن تعرفت على مجموعة “استديو الأربعاء السينمائي” والأصدقاء المحترمين فيه منذ الشهر الثامن من سنة 2016 ومنهم الأستاذ علاء الدين البربري. وتوطدت علاقتي بهم مع مرور الوقت. ثم اقترح علي الأستاذ علاء ربما بحلول شهر نوفمبر أو ديسمبر من ذات السنة أن أترجم فيلم “ساتيريكون” لعدم وجود ترجمة عربية له على الإطلاق، وهو فيلم من أهم الأعمال السينمائية عالميا. فقلت سبحان الله، هربت من هذا الفيلم ولحقني بعد مرور أكثر من 8 أعوام. (حاجة غريبة، كما يقول عبد الحليم وشادية 🤔🤔)
تحميل ملف الترجمة لنسخة البلوراي
من هنا
حلقة نقاشية لـ”ساتيريكون” في استديو الأربعاء
أقام استديو الأربعاء حلقة نقاشية للفيلم في ختام نشاطاته لهذا الموسم بحضور لفيف من جمهور الاستديو ومتابعينه الكرام، وشرفت بتقديم الفيلم والحوار مع السادة الكرام الذين قدموا مداخلات ونقاط أثرت أفكارنا عن العمل.
وهم على حسب ترتيب مداخلاتهم: الأستاذ غسان الغلاييني والدكتور مصطفى عطية والأستاذ عمر فوزي والأستاذ سيد يوسف والأستاذ سعيد المحاميد والأستاذ خالد عبد الرشيد. وقد أشرف على إدارة الاستديو الأستاذ عمر أبو الخير
اعجبني الفلم كثيرا حتئ قبل ان اعرف ترجمته الئ الانكليزيه فأنا من محبي السريال كثيرا
إعجابإعجاب