بسم الله الرحمن الرحيم
نناقش في هذا الموضوع مسألة كرة القدم مع انتهازنا لفرصة فوز نادي ليستر سيتي ببطولة الدوري الممتاز الإنجليزي للمرة الأولى في تاريخه الممتد على مدار 132 سنة، وهي مفاجأة صاعقة في عالم كرة القدم خصوصا والألعاب الرياضية عموما.
ومن ناحية أخرى احتفل معكم هنا بترجمتي رقم 150 بالتمام.
Leicester’s Impossible Dream
ليستر والحلم المستحيل
فلنشاهد العمل الوائقي ثم نناقش أفكار الموضوع
حقق نادي ليستر ستي في موسم 2015/16 مفاجأة من العيار الثقيل جدا في عالم كرة القدم بفوزه ببطولة الدوري الممتاز الإنجليزي. وسبب المفاجأة أن ليستر خارج من دوري المظاليم -أي الدرجة الأولى الأدنى- قبل ذلك الموسم بموسم كامل، وقد نجا بصعوبة من الهبوط للدرجة الأولى في الموسم الذي سبقه. كما أن ليستر النادي المغمور بلاعبيه العاديين والمجهولين تفوق على أندية كبرى تتجاوزه بمراحل من الناحية الفنية والقدرات المادية ونوعية أسماء اللاعبين المرموقين، كأندية مانشيستر يونايتد وتشيلسي وآرسنال ومانشيستر سيتي وليفربول. والحقيقة أن حتى أشد مشجعي ليستر وأكثرهم تفاؤلا لم يكن له أن يتوقع أن يفوز بأية بطولة ناهيك عن هذه البطولة الكبرى التي تشد أنظار جماهير العالم أجمع، كما يصرح بذلك النجم الإنجليزي السابق غاري لينيكر وابن مدينة ليستر وهو من يقدم هذا البرنامج لصالح تلفزيون البي بي سي.
كمتابع لبطولة الدوري الإنجليزي منذ صيغته القديمة الدرجة الأولى First Division وحتى إنشاء النظام الجديد “الدوري الممتاز Premier League في بداية تسعينيات القرن الماضي، كان المعتاد من الفرق الصغيرة أن تحتل مواقع متقدمة وربما متصدرة في الأسابيع الأولى من الدوري وحدث هذا مرارا وتكرارا، لكن هذه الفرق لا تلبث أن تنزف منها النقاط مع مرور الوقت وتتعرض للهزائم المتتالية لسبب واضح يعود لعدم امتلاكها لبدلاء يعوضون فقد اللاعبين الأساسيين عند تعرضهم للإصابة أو الإيقاف، كما أن الخبرة الفنية لمدربيها لا تضاهي بالتأكيد خبرة مدربي الفرق الكبرى الذين يعرفون كيفية التعامل مع كافة الظروف الجيدة والسيئة التي تمر بها فرقهم. غير أن هذه القاعدة شبه المتكررة لم تحدث مع ليستر الذي يبدو أن ظروفا عديدة ساعدته لكي يظهر بمستوى جيد وبمؤشر متصاعد منذ أول الدوري إلى نهايته، مع قدرة على تخطي العثرات وعدم الاستسلام للانتكاسات، وهذه من المتطلبات الأساسية التي يحتاجها أي فريق يطمح للفوز بهذا الدوري الشاق. وظهر جليا أن المجموعة المتجانسة من اللاعبين والمدرب والإدارة استثمرت قلة المباريات التي تخوضها في ذلك الموسم لصالحها. وفعلا، أخذ ليستر يحصد النقاط تلو النقاط والانتصارات المتتالية لاسيما على الفرق الصغيرة والمتوسطة، وساعده على ثبات مستواه عدم تشتت جهوده عبر المشاركة في البطولات الأوروبية سواء دوري الأبطال أو دوري أوروبا اللتين يشترك فيهما سبعة من فرق القمة على الأقل فتأتي منهكة لمنافسات الدوري، وهو ما استغله ليستر خير استغلال.
النجم الجزائري المفاجأة رياض محرز يتألق مع ليستر
ويحرز جائزة أفضل لاعب بالدوري الإنجليزي الممتاز
من الناحية الفنية، اعتمد المدرب الإيطالي المخضرم كلاوديو رانييري على تثبيت التشكيلة التي يخوض فيها ليستر مبارياته الأسبوعية، وهي ذات التشكيلة التي كاد فيها الفريق أن يهبط للدرجة الأدنى في الموسم الذي سبق موسم فوزهم بالبطولة، سوى تغيير طفيف بخروج الإيطالي إستيبان كامبياسو من الفريق. وكان رانييري خلف المدرب السابق نايجل بيرسون الذي أثار الجدل بمشاكله المستمرة فطفح كيل الإدارة التايلندية منه وقررت تغييره، ولم تجد سوى رانييري المتفرغ لهذه. وهذا العجوز الإيطالي بدوره لا تقل مشاكله عن بيرسون، فقد أخفق في معظم المهمات التي تولاها كمدرب وفشله الأخير تمثل بالخروج من تصفيات بطولة أمم أوروبا مع منتخب اليونان بعد هزيمة مذلة من منتخب جزر فارو المغمور في أثينا، فخرج بفشل دولي كبير لاسيما أنه أول منتخب دولي يدربه. وكلاوديو رانييري تكفل بتدريب نادي تشيلسي في بداية الألفية ويبدو أن مالك النادي الروسي أعطاه فرصة كاملة لإحراز بطولة كبرى لكنه لم ينجح بتحقيق شيء يذكر، فإقيل وحل البرتغالي جوزيه مورينهو وتدفقت البطولات لتشيلسي بقيادته، أما كلاوديو رانييري الذي وصفته جماهير تشيلسي بلقب The Tinkerman أي المتقلب أو المتذبذب، فعاد لممارسة تجاربه في الإخفاق مع أندية فالنسيا الأسباني وبارما ويوفنتوس وروما وإنترميلان في إيطاليا ثم موناكو الفرنسي قبل توليه تدريب منتخب اليونان. وأتذكر أنه كان مستبدا وعنجهيا في اختياراته للاعبين، فعندما درب نادي فالنسيا للمرة الثانية سنة 2004 -وكان فالنسيا في أوج قوته آنذاك بعد حقبة رافائيل بينيتيز الزاخرة بالبطولات- جلب العجوز الإيطالي معه أربعة لاعبين إيطاليين جدد للفريق، فدمره تدميرا وقضى على كل تجانسه. لكن يبدو أن رانييري “المتقلب” أدرك في ليستر قيمة التواضع أخيرا ورأى أن يواصل ما أنجزه الآخرون، لا أن يبني مجدا زائفا يكلله الغرور والكبرياء. وحقق بذلك إنجازا غير مسبوق مع فريق الثعالب المغمور الذي قضى عقدا كاملا في الدرجة السفلى، مستغلا خبرته العريضة وقدرته على قراة الخصوم كلا على حدة، كما أنه تخلص من الضغوط منذ البداية ولم يقطع وعدا سوى بمحاولة كسر حاجز الأربعين نقطة. فاعتمد سياسة الخطوة خطوة ولجأ كذلك إلى روح الدعابة والطرفة مع الإعلام ولاعبي فريقه حيث حفزهم مثلا بتقديم وجبات بيتزا إذا فازوا بشباك نظيفة، وأيضا تنبيه اللاعبين عند هبوط المستوى وضعف النتائج بجرس “ديلي-دينغ ديلي-دونغ” كما سيظهر في الفيلم الوثائقي.
لقد ورط تألق نادي ليستر سيتي المفاجئ كثيرين ممن استبعدو تماما أن يحقق هذا الفريق المتواضع الوصول للمراكز الأربعة المؤهلة لدوري الأبطال ناهيك عن أن يفوز بالدوري الممتاز. كان هذا من سابع المستحيلات حتى لمن يشجع ليستر، كغاري لينيكر ابن المدينة وهدافها الذي تورّط بالقسم أنه إن فاز ليستر بالدوري الممتاز ليقدمن برنامجه الأسبوعي لتحليل المباريات عاريا في الاستوديو إلا من سروال، وهو ما اضطره إلى الإيفاء بوعده مع بداية الموسم الجديد فكانت هذه هي النتيجة
أما ثاني المتورطين من فوز ليستر فكان النجم المصري السابق أحمد حسام الشهير بـ”ميدو” الذي أقسم بأغلظ الإيمان أنه إن فاز ليستر بشيء سيحلق شعره الذي يعتز به على الصفر على الهواء مباشرة في قنوات بي إن سبورت التي يحلل لها ميدو مباريات الدوري الإنجليزي، ولما نصحوه في الاستديو بعدم التسرع بالقسم وأن هذه كرة قدم وكل شيء فيها جائز، لم يرعوي الرجل أو يرتدع بل أصر على قسمه ولم يثنه شيء فكانت المحصلة كالتالي
فكانت طرائف قاسية لمدى التورط بالانجراف بعدم تصديق اللا ممكن بعالم كرة القدم الغريب والمفاجئ أحيانا كثيرة.
مفاجآت كرة القدم
تكتنز هذه الرياضة الجماهيرية كثيرا من المفاجآت والنتائج غير المتوقعة وهي ما يمنح كرة القدم جمالا وتجددا وحيوية وأملا. ولعل السبب وراء ذلك يكمن في الخصوصية الشديدة لكرة القدم التي تميّزها عن اللعبات الجماعية الأخرى والتي تقل نسبة المفاجآت فيها تبعا لنوعية اللعبة وجماهيريتها. والحقيقة أن نوعية المفاجأة ذاتها تختلف في مجال كرة القدم، أي أن من يفوز ببطولة تعتمد نصف مبارياتها على خروج المغلوب يختلف عن الفريق الذي يفوز ببطولة دوري طويلة. فلا شك أن الذي يفوز بالثانية سيكون غالبا بجدارة وليس من خلال الصدفة أو الحظ (كضربات الترجيح مثلا). فبطولات الدوري تتطلب استراتيجية طويلة المدى بالموسم ونفسا طويلا وصبرا كبيرا وتحملا للانتكاسات المحتملة وقدرة على تجاوزها. ومفاجأة ليستر المدوية في عالم القدم تنتمي إلى النوع الأصعب بلا شك بعد الظفر بلقب دوري “الأسود الثلاثة” كما يلقب. وقد عاصرتُ شخصيا مفاجآت مماثلة لكنها تقل إثارة عن هذا الإنجاز الذي حققه ليستر، وأذكر من هذه المفاجآت التالي:
∴ فوز نادي المقاولون العرب بالدوري المصري موسم 1982-83: وهي مفاجأة كبيرة لم تتكرر ببطولة يهيمن عليه ناديا الأهلي والزمالك القاهريان بلا منازع
∴ فوز نادي الجهراء الكويتي الدوري الكويتي موسم 1989-90: على الرغم من وجود عدة نجوم بنادي الجهراء ذلك الموسم إلا أن النادي لا يصنف ضمن الأندية المنافسة. والحقيقة أن الجهراء فاز بأطول دوري كويتي آنذاك (ثلاث مراحل) لأول مرة بتاريخه بسبب تألق بدلائه ودكة احتياطييه خصوصا، أما نجومه الأساسيين فكانوا عاملا مساعدا فقط، وذلك لكثرة غياباتهم بسبب الإصابة غالبا.
∴ فوز نادي بلاكبيرن روفرز بالدوري الإنجليزي موسم 1994-95: كان فوزا غير متوقع بالتأكيد لكنه ليس مفاجئا تماما، لاحتواء النادي نجوما لا بأس بهم كالهداف آلان شيرار وغريام لوسو والكابتن تيم شيروود ومايك نيويل والحارس الصلب تيم فلاورز وكريس سوتون، بالإضافة للمدرب المحنك كيني داغليش. وكل هؤلاء كانوا في عز تألقهم آنذاك، وأقرّ آلان شيرار أن فوز بلاكبيرن بالدوري لا يضاهي مفاجأة ليستر، لأن الأول كان ينافس قبل ذلك بسنوات في حين أن الثاني قبع بالدرجة الثانية لعقد كامل قبل فوزه بالدوري الممتاز بموسم واحد فقط.
∴ فوز نادي تفينتي بالدوري الهولندي لكرة موسم 2009-10: وهي مفاجأة تقترب من مفاجأة ليستر، حيث تغلب تفينتي على أندية كبرى في هولندا أهمها أياكس أمستردام وآيندهوفن وفاينورد، ولم يكن بصفوف تفينتي سوى أسماء مغمورة أيضا مع مدرب مجهول القدرات ومتذبذب المستوى ألا وهو الإنجليزي ستيف مكلارين. لكن من الواضح أن الدوري الهولندي ليس كالدوري الإنجليزي، فالفروقات في هولندا لا تمنع من تحقيق المفاجآت على الرغم من قلة الإيرادات المالية مقارنة بإنجلترا وبريطانيا عموما.
∴ فوز منتخب الدنمارك ببطولة أمم أوروبا سنة 1992: كانت مفاجأة غير متوقعة آنذاك لأن الدنماركيين لم ينجحوا بالتأهل للبطولة أصلا حيث فاز منتخب يوغسلافيا بتصفيات المجموعة التي جمعتهم مع الدنمارك. لكن حدث ما لم يكن بالحسبان فوقعت الحرب الأهلية في يوغسلافيا وعاقب الاتحاد الأوروبي بلغراد بالحرمان من المشاركة بأمم أوؤروبا في السويد وحل محلهم الدنمارك ثاني مجموعة التصفيات. لكن الدنمارك بحد ذاتها تملك فريقا قويا آنذاك، أبرزهم بريان لاودروب والحارس العملاق بيتر شمايكل ومجموعة متجانسة يلعب معظمها في الدوري الإنجليزي. فوز الدنمارك بالبطولة لأول مرة في تاريخها مفاجأة نعم، لكنها ليست مفاجأة بجميع المقاييس، وبالتالي لا ترقى إلى مفاجأة ليستر المغلوب على أمره بين وحوش إنججلترا ومفترسيها.
∴ فوز منتخب اليونان ببطولة أمم أوروبا سنة 2004: كان فوزا صاعقا ومدويا لمنتخب اعتاد على المشاركة من أجل المشاركة فقط، ومثلت الهزائم بالنسبة لهذا المنتخب الوطني أمرا معتادا، ولم يختلف الوضع إلا بكمية الأهداف التي يتلقاها فريق الإغريق. لكن اختلفت المسألة هذه المرة عند اليونان وباغتوا جميع الفرق العالمية الكبرى كفرنسا وأسبانيا والتشيك والبرتغال صاحبة الضيافة التي هزموها مرتين في الافتتاح وفي النهائي. وكان مفتاح السر بتكوين فريق قوي وصلب بالرغم من اسمائه المجهولة تقريبا بيد المدرب العريق الألماني أوتو ريهاغل الذي نجح بشخصيته الفولاذية من إقناع اللاعبين بكسر الاستسلام للهزائم وتشكيل شخصية تسعى للفوز وتقاتل من أجله ولا تهزها الأسماء الرنانة التي تواجها لأنها قد تكون نمورا من ورق. وعندما نقارن بين فوز اليونان وفوز ليستر سنجد بالرغم من تقارب المفاجأتين أن كفة ليستر سترجح لأن البطولات الدولية مجموع المباريات التي يلعبها الفريق المتأهل للنهائي لا تزيد عن سبعة مباريات، كما أن لعبة الحظ قد تتدخل إذا لعب الفريقان ضربات الترجيح، أما الدوري فيلعب الفريق الواحد فيه 38 مبارة على الأقل بالموسم الواحد، ولا توجد فيها ضربات ترجيح مطلقا. وهنا يظهر الفارق الحقيقي.
والمقصود من هذه المقارنات هو تبيان قوة المفاجأة التي حققها نادي لستر بالموسم الماضي، ومن المهم ألا نغفل عن أن مباريات الدوريات القوية كالإنجليزي والأسباني والألماني أصبحت أفضل بكثير من المباريات الدولية سواء في كأس العالم أو البطولات الأخرى، لأن عدد الفرق بهذه الدوريات وكذلك في دوري الأبطال ودوري أوروبا وأيضا مسابقات الكؤوس المحلية قد تضاعفت عن عددها في عقد السبعينيات والثمانينيات، وبالتالي يأتي اللاعب للبطولات الدولية منهكا أو مصابا أو مشبعا بالمباريات بعد لعبه ما يقرب من 50 إلى 60 مباراة بالموسم، وقد شهدنا أن هذا الواقع أدى إلى انتشار حالات الموت المفاجئ بين اللاعبين، ولم يحرك ذلك شعرة في الاتحاد الدولي لكرة القدم الذي يخشى من التدخل في المسابقات المحلية وربما لا يهمه ذلك، لأنه كلما زادت المباريات كثرت العائدات والأموال. وليذهب اللاعبون إلى الجحيم.
علاقتي بكرة القدم والدوري الإنجليزي
لا تزيد علاقتي بهذه الرياضة كممارسة عن الكرة البلاستيكية أو المطاطية الصغيرة التي نلعبها في حوش البيت أو السكة الصغيرة، لكن متابعتي لكرة القدم قديمة، وربما بدأت في كأس العالم 1982 حيث تأهل منتخب الكويت (بآخر عصره الذهبي) فتابعت جزءا من هذه البطولة ولم يتعد عمري حينها تسع سنوات. لكني تركت متابعتها إلى أن بلغت الثالثة عشر حيث عدت لمتابعة البطولات المهمة قبيل انطلاق كأس العالم 1986. وكان تلفزيون الكويت يحرص على عرض برنامج أسبوعي يلخص مباريات كل أسبوع من مباريات الدوري الإنجليزي، ثم حدث أن تأهل ناديا إيفرتون وليفربول لنهائي كأس إنجلترا فأعلن التلفزيون نقلها على الهواء مباشرة. ولم أكن مشجعا لفريق إنجليزي حتى تلك اللحظة، فقررت أن من يفوز بنهائي تلك الكأس سأشجعه ولن أغيره أبدا. فانطلقت المباراة وأخذت أتابعها باهتمام. ولحسن الحظ، يتوفر ملخص جيد لها على اليوتيوب
وهكذا فاز ليفربول بالنهائي بعد مباراة مثيرة تغلب فيها على فريق غاري لينيكر (إيفرتون) مقدم البرنامج الذي ترجمناه أعلاه. وأصبحتُ مشجعا لليفربول منذ ذلك اليوم، ولم أغير أو أتغير، بالرغم من اللعنة التي حلت على الفريق بدءا من حقبة التسعينيات وحرمته من الفوز بأي لقب للدوري الممتاز منذ موسم 1989-90. لكنه يبقى فريقا كبيرا وعريقا بكل الأحوال. والمفارقة أنه عندما فاز بلقب دوري الأبطال عام 2005 إثر تغلبه على ميلان الإيطالي بعد مباراة إعجازية، لم تزل الغصة حارقة بجماهير ليفربول -وأنا منهم- لعدم الفوز بالدوري منذ تلك السنة، فلم نستمتع كثيرا بهذا اللقب الأوروبي الكبير الذي تطمح له كبرى الأندية الأوروبية وتخطط طويلا لتحقيق إنجازات به.
لكنني لم أكتفِ بمتابعة الدوري الإنجليزي فقط، بل تابعت كذلك الدوري الإيطالي الذي توجه إليه أكبر نجوم العالم منذ الثمانينيات وحتى بداية الألفية الجديدة. فلعب فيه مارادونا الأرجنتيني وبلاتيني الفرنسي وألكيار الدنماركي وغوليت وفان باستن الهولنديان وزيكو وسقراط وكاريكا البرازيليين ولوثر ماتيوس وأندرياس بريمه وكلينسمان الألمان هذا بخلاف النجوم الإيطاليين ابارزين بتلك الحقبة. لكن الدوري الإنجليزي -وبالرغم من ندرة النجوم العالميين بصفوف أنديته- تميز بكثرة الفرق المنافسة ومباريات ما يطلق عليه “الديربي” التي تجمع بين فريقين متنافسين في نفس المدينة مثل فريقي مدينة مانشيستر (يونايتد وسيتي) وفريقي مدينة ليفربول (ليفربول وإيفرتون) وديربيات لندن (آرسنال – توتنهام – تشيلسي – وستهام… إلخ) وهي مباريات توصف بأنها بطولة بحد ذاتها وكثرتها داخل الدوري الإنجليزي يعني استمرار الإثارة والتنافس الحقيقي طوال الموسم. وكذا فإن تواجد جماهيره أسبوعيا يعد من العوامل التي تميز الدوري الإنجليزي عن غيره من الدوريات الأوروبية الأخرى فلا نرى مقاعد خالية أبدا في كل المباريات لاسيما للفرق الصغيرة منها. كما أن الإنجليز يتميزون بالقدرة على التسويق والتمويل الجيد، وقد اشتكت أقوى فرق أوروبا أنها لا تتلقى التمويل الذي تتلقاه أصغر فرق الدوري الممتاز، ولعل هذا يعد أحد العوامل التي ساهمت بصعود نجم فرق صغيرة كليستر سيتي وغيرها، وبذلك لا يمكن الجزم بمن سيحسم اللقب كل موسم وهذه ميزة قديمة وكبيرة للدوري الإنجليزي عن البطولات الأخرى بلا جدال.
سأكتفي بهذا القدر من الموضوع، على الرغم أنني ذكرت بتقديم الموضوع أنني سأتحدث عن الاتحاد الدولي “الفيفا” وفساده ومشاكله التي لا تنتهي ومنها أنه أصبح منصة لابتزاز دول العالم وشعوبه ومقرا لكبار اللصوص و”الحرمنة” المنظمة. لكن يفضل أن نوقف هنا ونخصص ربما مقالا منفصلا لهذا الشأن وذلك حتى لا نتفرغ بموضوعنا هذا تفرعا زائدا ومبالغا فيه.