إذا لم تعرفها يا أخ العرب، فأهلا بك في الخليج وحاضرة نجد ووسط جزيرة العرب وشرقها وشمالها. – أما الكشكشة، فمازال لساننا “يكشكش” حتى هذا اليوم. وهي ظاهرة لغوية صوتية يقصد منها وضع نهاية صوتية تميز المؤنث، وتتم بوضع صوت “تش” مدغم كما في اللغة الإنجليزية صوت ch: children – chair فإذا أردت أن أقول لأية امرأة أنها طويلة مثلا فسأقول: يا طولتش. وإذا أردت أن أؤنب ابنتي لعدم دراستها فسأقول: ما قلتلتش ذاكري عشان تنجحين. أما في منطقة عمان والإمارات وما حولهما فهم يكتفون بصوت الشين دون صوت التاء المدغم والمخفف، فيقولون “يا طولش” و”ما قلتلش ذاكري…إلخ”
واللافت أن هذا اللسان غير منطوق في وسط نجد كمنطقة الرياض، فهم ينطقون مخاطبة المؤنث بطريقة أصح وهي كسر الحرف قبل الأخير للمؤنث وفتحه للمذكر (كما في اللهجة المصرية أيضا) فيقولون للمؤنث: قلت لِك، وللمذكر: قلت لَك.
كما أن الكشكشة لدينا تدخل في آخر بعض المفردات كمفردة (سمك وسمكة) فتنطق “سمتش” و”سمتشة”.
– أما الكسكسة، فهي أندر من أختها الكشكشة، فتحدث بإبدال صوت حرف الكاف إلى صوت مدغم لحرفي التاء والسين (وليس كما قال بعض المستشرقين بأنها سين فقط). ومن يدخل مناطق في شمال نجد، كالقبائل المنتشرة في القصيم وحائل، سيسمع هذه الظاهرة الصوتية بوضوح وكثرة. فعندما يريد أحدهم أن يقول لك (كيف الحال؟) فسينطقها هكذا: “تسيف الحال؟” وإن أراد أن يسأل (بكم هذا القميص؟) فسينطقها “بتسم هذا القميص؟”
– أما العنعنة، فهي ظاهرة صوتية نجدها مسموعة بوضوح في لهجة أبناء قبيلة الدواسر مثلا وفي واديهم الشهير وما حوله، وتحدث بإبدال صوت الألف بصوت العين. كأن يقول أحدهم “والله عِنّك رجال” يقصد والله إنك رجّال، أو يقول “عذن للصلاة” يعني أذن للصلاة… إلخ.
ويقال أن معظم هذه الظواهر الصوتية قدمت من اليمن بعد أن هاجر معظم أهل نجد منها بسبب النزاعات أو القحط والمجاعات. وتذكر بعض المصادر أن اللهجات السابقة لهذه الظواهر في نجد كانت أصح وأسلم لسانا كلهجات قبائل مضر وربيعة التي هاجر معظمها -إن لم تكن كلها- من موطنها في نجد بسبب أزمات القرامطة والفاطميين ليستقر عدد كبير منهم في صعيد مصر وشمال أفريقية (والحديث في ذلك يمتد ولا يقصر حتى تصل بك الحكاية إلى “تغريبة بني هلال”).
ولذلك، استقر لدى العرب أن لهجة قريش هي أفضل لهجاتهم لأنها تأخذ ما جاد من ألسنتهم وتنبذ المذموم (كهذه الظواهر الغريبة).
وحياكم الله في نجد والخليج وما جاورهما.