كتبتُ هذا الموضوع في صيف عام 2008، وصادف وفاة الشاعر محمود درويش، فأبَنته بهذه المقدمة
—————————————
أهدي هذه الترجمة إلى روح محمود درويش الذي ترجل من صهوة جواد الكلمة والمعاني. وإلى أرواحنا العربية الهامدة التي لم تترجل عن دواب التشرذم والتقاذف علها تصحو من موتها، وإن كان بموتها رحمة. وطالما أنشد درويش للموت منقذا ومحررا من حالة اللاوعي واللا موت التي نعيش على هامشها. وكانت ريتا والمدينة والموت تعبر عن فلسطين بقلبه.
وضعوا على فمه السلاسل
ربطوا يديه بصخرة الموتى ،
و قالوا : أنت قاتل !
***
أخذوا طعامه و الملابس و البيارق
ورموه في زنزانة الموتى ،
وقالوا : أنت سارق !
طردوه من كل المرافيء
أخذوا حبيبته الصغيرة ،
ثم قالوا : أنت لاجيء !
***
يا دامي العينين و الكفين !
إن الليل زائل
لا غرفة التوقيف باقية
و لا زرد السلاسل !
نيرون مات ، ولم تمت روما …
بعينيها تقاتل !
وحبوب سنبلة تجف
ستملأ الوادي سنابل ..!
الليل – يا أمّاه – ذئب جائع سفاح
يطارد الغريب أينما مضى ..
ماذا جنينا نحن يا أماه ؟
حتى نموت مرتين
فمرة نموت في الحياة
و مرة نموت عند الموت!
هل تعلمين ما الذي يملأني بكاء ؟
هبي مرضت ليلة … وهد جسمي الداء !
هل يذكر المساء
مهاجرا أتى هنا… و لم يعد إلى الوطن ؟
هل يذكر المساء
مهاجرا مات بلا كفن ؟
يا غابة الصفصاف ! هل ستذكرين
أن الذي رموه تحت ظلك الحزين
– كأي شيء ميت – إنسان ؟
هل تذكرين أنني إنسان
و تحفظين جثتني من سطوه الغربان ؟
أماه يا أماه
لمن كتبت هذه الأوراق
أي بريد ذاهب يحملها ؟
سدّت طريق البر و البحار و الآفاق …
و أنت يا أماه
ووالدي ، و إخوتي ، و الأهل ، و الرفاق …
لعلّكم أحياء
لعلّكم أموات
لعلّكم مثلي بلا عنوان
ما قيمة الإنسان
بلا وطن
بلا علم
ودونما عنوان
ما قيمة الإنسان
ما قيمة الإنسان
بلا وطن
بلا علم
ودونما عنوان
ما قيمة الإنسان
فرحمك الله يا محمود درويش، ورحم هذه الأمة المنكوبة بحالها.
أقدم لكم الترجمة السماعية الكاملة للبرنامج الوثائقي الجريء والشجاع لرجل اعلامي مخضرم لا يمكن لنا أن نصفه سوى بالنبل والشهامة وهو الاعلامي والصحفي الاسترالي (جون بيلجر)
Palestine is Still the Issue
فلسطين، لا زالت هي القضية


والله أمر غريب أمر هذه الأمة، التي هل تستحق أن نسميها بالعرب؟ أم أمة جرهم وقريش وعبس وذبيان وتغلب وتميم والمناذرة والغساسنة وغيرهم من القبائل الجاهلية المتطاحنة والمتصارعة؟ أم تحولوا لأمم عديدة بعد أن جمعتهم فضائل الكرامة والإيثار ذات يوم؟ هل عدنا لحالة الضياع وعدم ارتباط الهوية بعصور الجاهلية بعد أن جمعنا الإسلام مع جميع الشرائع السماوية الأخرى نحو طريق الهداية والنور؟ اسئلة دون أجوبة وجملة دون بداية ولا نهاية لكي تكون قابلة للاستيعاب، وطريق شائك ملغوم لا اطمئنان بنهايته. إن قضيتنا قضية واضحة لا لبس فيها وعدونا واضح وغير متشابه علينا، وطريقنا كذلك واضحة معالمه لاسترداد ما فقدناه. كل هذا جلي لا مشقة باستيعابه وتداركه. لكن المحزن أننا لسنا قادرون على هزم أنفسنا ولا على التغلب على شهواتنا ولا على التجرد من مطامعنا ومطامحنا. وهذا هو البلاء بعينه وهذا الصعب الذي يقترب من الاستحالة. فكيف لضعيف على نفسه أن يكون قويا على الآخرين؟ سيستمر الضعف وسيكثر الهوان وسينصب الذل علينا وسنستحق هذا وأكثر، إن لم نبدل ما بأنفسنا وهو أمر أشق من تجييش الجيوش وفتح العالم كله. فالكل أناني ولا يرى إلا نفسه ولا يراها بشكلها الحقيقي بل مزيفة منمقة، فمن لديه المرآة التي تعكس وجه القبح والذل فينا، من؟ أفهل نحاصر بأنفسنا شعوبنا ونستنجد بالعالم؟ أفهل نعيب ونشتم بعضنا ونحن نحارب العدو الواضح؟ أفهل نسفك دماء بعضنا ونحن على مقربة أسنة رماح العدو الغادر؟ أفهل تأكل بعض شعوبنا وتنام ملء جفونها وبنا الجائع المشرد؟ لا والله لسنا عربا ولا مسلمين بل نحن أمساخهم وصورتهم المشوهة ما دام حالنا هكذا. ولن نعيب على الزمان عيبا بل العيب عيب المعيب إن فعل.
———————-
كنت سأقول ألا داعي لتكرار ما يعانيه أهل فلسطين من النهر إلى البحر، لكنني متيقن أن الضمير بحاجة ماسة للانعاش، فنحن نقول ما لا نبطن وندعي ما هو غير موجود بقلوبنا التي أغشاها حب الحياة. فنحن منافقون إلا قهرا! لقد دخل الصهاينة في حرب مفتوحة مع الفلسطينيين قرب نهاية العام 2000 لماذا لأنهم ذادوا عن المسجد الأقصى الذي زاره ذلك النجس شارون الذي يتعذب حاليا بين الحياة والموت، فقط لاستثارة العرب خاصة وأنه شخصية كريهة ومقززة لدى كل العرب فما بالك بالفلسطينيين. وكان قبل ذلك مقبورا سياسيا منذ أن كشف تقرير اسرائيلي مسؤوليته عن مجزرة صبرا وشاتيلا عام 1982 في لبنان. فما الذي أيقظه من قبره بذلك العام. الذي فعل هذا هو الشعب الصهيوني الذي لم يكتفي بهذا بل نصبوه رئيسا بائسا لوزرائهم عبر انتخاباتهم المشؤومة بعدها مباشرة لكي يشنوا الحرب علينا. فهل نرتجي من هذا الشعب المبرمج سلاما أو حتى هدنة صامدة. فخلال أوج فترة المفاوضات النهائية كانوا يبنون المستوطنات داخل الضفة الغربية والقطاع. وهم شعب عسكري مجحفل حولوا دولتهم إلى أكبر قلعة حربية بالتاريخ ومدججة بكافة أنواع الاسلحة الحديثة والفتاكة بما فيها الاسلحة النووية كتتويج لتعطشهم للدمار الشامل وهو شيء مذكور بتوراتهم المزورة التي حاشا نبي الله موسى أن يكون نقل لهم ما يرددونه حاليا عبر أباطيلهم. ثم أن لهم امتداد سرطاني داخل الدول العظمى مما يسمح لهم بالمدد الدائم والعون المفتوح من قبل دواهي العالم. لكني لا أسقط هذا على كل اليهود بل أن معظمهم مبتلون بهذه الطغمة الحاكمة في ما تسمى “اسرائيل” والأمثلة عليهم كثيرة وشرفاؤهم كثيرون وهذا إحقاقا للحق. فأتى شارون واستباح ما استباح وقتل من قتل من الشهداء ودمر ما دمر، فهل نال الصهاينة ما أرادوا من أمن لدولتهم الهامشية على وجه التاريخ؟ أعتقد أنه عندما سيتم سؤالهم سيردون “يكفينا شعورا بالعار أننا اسرائيليون”. بالواقع أن “المعضلة اليهودية” كانت قضية أوروبية شائكة وأراد الأوروبيوون التخلص منها بأي طريقة فكانت عبر ما سمي “بإنشاء اسرائيل”. وها نحن نحتفل هذه السنة بمرور 60 عاما على موتنا، ونسمي ذلك العام تجملا “النكبة” وهي ستون نكبة ونكبة، وكل عام ينقضي نرى وطأة نكبة جديدة أشد، فأصبحنا نتوق لتوقف عقارب الزمن لعل النكبات تكف. وحين نناقش تلك المعضلة فإننا نكتشف أننا أمام أسهل وأوضح صراع بالتاريخ رغم عناصر تفوق العدو المذكورة. حين نقارن بين الصراع الصليبي الاسلامي وبين وضعنا، أجزم بأننا سنصل إلى حقيقة مفادها أن ما يدعى “اسرائيل” هو كيان ذو ذيل منقطع أو مبتور إن جازت التسمية. فهذا الكيان، وكما وصفه (جون بيلجر) عبر البرنامج، شرطي ينوب عن الدول العظمى وحماية مصالحها بالمنطقة، وأصبح الآن ينوب فقط عن الولايات المتحدة بعد تبرأ الدول الأخرى منه ومن أفعاله. في حين أن “مملكة بيت المقدس” الصليبية التي استمرت لأكثر من مائة وأنهى وجودها الناصر صلاح الدين الأيوبي كانت امتدادا وتمددا للفرنجة الأوروبيين في أرض تعتبر مقدسة لهم وجزءا لا يتجزأ من تراثهم الإنساني والثقافي والديني، وحاولت التكيف بهذه المنطقة مرارا دون جدوى. فهل سيعيش ذلك الذيل المبتور أكثر من تلك المملكة القوية المدعومة بقوة من كل مسيحيي الغرب؟! هذا سؤال لن يجيب سوى التاريخ في حالة إن كنا مستمرين بوضعية المفعول به، أو يجيب عليه ضميرنا إن كنا فاعلين ومؤثرين اليوم قبل الغد.
صور من الفيلم الوثائقي
هذا “الاسرائيلي” البائس بعد أن إدعى أنه “يشعر بالعار أنه اسرائيلي” سأله (بيلجر) سؤالا ذكيا حين قال له: “ما تقول حيال الصورة الحتمية بالنهاية أنكم سيلقى بكم إلى البحر؟” فأظهر وجهه الحقيقي حين رد مكفهرا ” من قبل هؤلاء (العرب) البعوض؟ سيسحقهم جيشنا العظيم فورا”
معلومات عن نسخة الفيلم الوثائقي:
اسم النسخة: Palestine.Is.Still.The.Issue.Xvid.AC3.www.mvgroup.org
الحجم: 744 ميجا بايت
المدة: اثنان وخمسون دقيقة
معدل الاطارات: 25
الترجمة: سماعية
***************************************
وتقبلوا تحيات مترجم العمل
أخوكم/ فيصل كريم