يقول أهل مصر بلهجتهم: “ركبت (العربيّة)، وركب معاي اثنين من صُحابي.”
فيما تسميها لهجات أخرى “سيّارة.”
ورأيي أن “عربيّة” أدق وأفصح من “سيّارة”.
فـ”العربيّة” مشتقة من المركبة ذات العجلات، وسواء أكانت صيغة مبالغة أم لم تكن كذلك، فالوصف هنا مطابق للموصوف.
ومع أن أهل المحروسة، من جانب آخر، ما زالوا يستخدمون كلمة “كارّو” وهي التي اشتقت اللغة الإنجليزية منها كلمة Car وهي بالمناسبة فصيحة كذلك، نجد أن لهجتهم استقرت على “عربيّة”. (وموضوع “كارّو” قد نخصص له مقالاً آخر إن شاء الله)
أما “سيّارة” فهي صفة بصيغة مبالغة قد لا تطابق الموصوف المقصود دلالياّ. فالسيّارة لفظ يصف الناس السائرون بكثرة، وعلى وزنه صيغة المبالغة “النظّارة” أي الناس الكثيرون الذي ينظرون لشيء ما باهتمام، فأولئك هم “السيارة” وهؤلاء هم “النظّارة”، وقس على ذلك أوزان أخرى كثيرة.
كما أن حركة السير تتطلب أصلا القدرة الذاتية على التحرك، فالسائر يتحرك ذاتيا (مع أنه قد يحتاج وقودا أيضا عبر الغذاء مثلا) والنجم السيّار نفترض أنه حركته ذاتية (مع أن وقوده قد يأتي من قوة الجاذبية والشد [وليصححني في ذلك أهل الفلك والفيزياء]). أما المركبة المقصودة بـ”السيارة” فيلزمها الوقود وإلا ستمسي جمادا بلا حراك.
ومن ثم، فإن إطلاق وصف “سيّارة” على المركبة الحديثة ذات العجلات يأتي من باب المجاز (الذي أراه بعيدا) ويحمل لفظه تعقيدات دلالية ما كان ينبغي أن تظهر.
وبما أن الشيء بالشيء يُذكر فمن اللطيف أن نعلم أن العرب قد ألفوا هذه الكلمة من رجل كُنّي قبل الإسلام بـ”أبي سيّارة” ألا وهو (عُميلة بن الأعزل العَدْواني) إذ كان آخر من أجاز الحجاج قبل الإسلام، قيل: “وهو يركب حماره الأسود لأربعين عاما”. فأُطلق عليه مثل “أصحّ من عِيِر أبي سيّارة”. أي أن السيّارة هنا تشير إلى الجِمال الكثيرة السائرة!
لكن السيّارة على وجه العموم دَرَجت على لساننا واحتلّت مكانتها الدلالية في الذهن على ما يشوبها من احتمال القياس الفاسد، وكان الأصح أن نقول “عربة” [عربية] أو “كارّة” أو “حرّاكة”، أو ما شابه.
وهذا مجرد رأي قد يصححه أهل اللغة. والله أعلى وأعلم.
