عُرض مؤخرا مسلسل Dune: Prophecy (وعنوانه المقتراح: الكثبان: النبوءة). فإذا بحبكة القصة تستند إلى فكرة صراعٍ نشأ بعد حظر الآلات في ذلك الكوكب المعني بالقصة حظرا تاما، وهو ما أدى إلى نشوب حرب طاحنة أكلت الأخضر واليابس.
وخطر لي أن هذه “الثيمة”، أو فكرة “حظر الآلات” هي المحور الأساسي لرواية الأديب الإنكليزي صامويل بتلر Erewhon (الصادرة في عام 1872) بعنوانها العربي الذي ابتكرناه “اليــفــخ”، والتي تنشرها دار العولمة في دولة الكويت بترجمتنا قريبا بمشيئة الله. وقد ذيّلها المترجم بعدة ملاحق، منها البحث والتعليق الذي أجراه حول أدب الخيال العلمي والمدينة الفاضلة ونقيضها، في الفن الروائي العالمي، وتبيّن منه الفقر الشديد في هذا الجانب عند الروائيين العرب المتأخرين.
تقود تلك الفكرة إلى المخاوف التي أخذت تتفاقم في الغرب منذ ستينيات وسبعينيات القرن الماضي من تطور “الذكاء الاصطناعي” Artificial Intelligence واحتمالات خروجه عن سيطرة الإنسان، لا سيما أنه اقترن مع فكرة كارثية أخرى، ألا وهي “الفكر القيامي” Apocalyptic Vision الذي نشأ عنه صنف أدبي وروائي قائم بحد ذاته تحت هذا التصنيف، والذي يُظهِر مدى الارتباط الوثيق بين الفكر الغربي الحديث والأدبيات الإسرائيلية والصهيونية.
والشيء بالشيء يذكر، يلمح كل من المشاهد والقارئ على حد السواء لهذه الأعمال، مثل “الكثبان” و”المصفوفة” و”المدمر” و”اليفخ” وكثير غيرها، الأدبيات الإسرائيلية، سواء أكان تصريحا أم تلميحا، وهو ملمح واضح وجلي في هذه الأعمال، وإن لم يظهر عادة ظهورا محوريا أو جوهريا في حبكة القصة.
المهم أن كتابنا “اليـفـخ” يطرح فكرة خطورة الآلات طرحا فلسفيا لا يخطر على بال، وكان صامويل بتلر عازما كل العزم على التصدي لفكرة تشارلز داروين الخطيرة “النشوء والارتقاء” من الناحية الفلسفية، على أن المطاف انتهى به إلى مناقشة وضع نصطدم به نحن في عالمنا المعاصر.
(الصورة أدناه لغلاف تجريبي، بما فيها من رسالة غامضة ووقحة، وجهها مثقف “يفخي” إلى أهل زمننا الراهن)

