
A man for all seasons
من أشهر عبارات اللغة الإنجليزية، ولعلها أكثرها خداعا (وربما خبثا!) صاغها العالم النحوي روبرت وتنجتون (1480-1553) واصفا بها القاضي والفيلسوف والسياسي توماس مور (1478-1535). والمشكلة بهذه العبارة مراوغتها، وعدم اليقين من أنها مدح أو ذم، وهنا قد يتورط المترجم إذا لم يدرس مضامين هذه العبارة وإيحاءاتها التاريخية. فإذا جاءت على وجه المدح: فهو الشخص القادر على مواجهة تقلبات الزمن وتحدياته (وهذا حسب فهم أبعاد قصة “القديس” توماس مور الذي رسمته الكنيسة الكاثوليكية شهيدا بأمر البابا بيوس الحادي عشر). أما إذا قلّبنا العبارة على وجه الذم والقدح، فتعني الشخص الانتهازي والوصولي الذي يتقلّب حسب تحرك الأمواج والرياح سعيا لمصلحته الضيقة.
أطلق وتنجتون هذه العبارة الحمّالة للوجهين؛ لعلمه بمدى الحب والاحترام الذي يكنّه الملك هنري الثامن لمعلمه الجليل توماس مور، لكن الظروف دفعت الملك بالحكم عليه “بالخيانة العظمى”؛ لرفض مور تولي هنري الثامن رئاسة الكنيسة الإنجليزية والانشقاق عن روما. ولعل العبارة تحمل مفارقة التنازع في نفس الملك: حبه وتوقيره لوزيره، ورغبته في تحقيق مصلحته بغض النظر عن شعوره. إنه تنازع مؤلم سلخ شخصية هنري سلخا، وقض مضجعه إلى آخر عمره، ويذكرنا هذا التنازع والصراع النفسي الشديد بأزمة قتل الحجاج الثقفي للعالم التابعي سعيد بن جبير، حين أخذ الحجاج يهذي في آخر عمره: “مالي وابن جبير!”
ومن المعلوم بطبيعة الحال أن عبارة
A man for all seasons
عادت للظهور في القرن العشرين للظهور بعد تأليف روبرت بولت مسرحيته الشهيرة بهذا العنوان في سنة 1960، ثم جسدت سنة 1966 في أحد أعظم الأفلام السينمائية على الإطلاق.
يقول قائل، العبارة مأخوذة من اللاتينية homo ad utrumque paratus
فكيف ترى أخي المترجم، بعد هذا كله، الإستراتيجية الأفضل للتعامل مع عبارة
A man for all seasons
