ترجمة مقدمة كتاب | الهدوء: قوة الانطوائيين في عالم لا يكف عن الكلام | لمؤلفته سوزان كاين || ترجمة: فيصل كريم الظفيري

الهدوء
قوة الانطوائيين
في عالم لا يكفّ عن الكلام

صورة غلاف

تأليف: سوزان كاين
ترجمة: فيصل كريم الظفيري

إن الشخصية هي العامل الرئيس الذي تتشكّل من حولها حياة الإنسان، بالإضافة إلى عوامل أخرى كالنوع والعرق. والجانب الأهم على الإطلاق في الشخصية يتمحور حول المكان الذي يقع فيه نطاق الانطوائية والانفتاح في شخصياتنا -وهو كما يصفه أحد العلماء “الحالة النفسية الشمالية (الكبت) والجنوبية (الجرأة)”. ويؤثر مكاننا في هذه المجموعة المترابطة على اختياراتنا للأصدقاء والرفاق وعلى كيفية طرح نقاشاتنا، وتصفية خلافاتنا، وإظهار مشاعر الحب فينا. وهذا المكان يؤثر كذلك على المهن التي نختارها وما إذا كنا سننجح فيها. وهو يتحكم غالبا في كيفية ممارسة عدة أمور كارتكاب الخيانة الزوجية، وجودة القيام بالأنشطة دون نوم، والتعلم من الأخطاء، ووضع رهانات كبيرة في أسواق الأسهم، وتأخير الشعور بالإشباع والمتعة، وتكوين حس قيادة جيد، وطرح سؤال “ماذا لو”. ويظهر انعكاسه على المسارات الدماغية، والنواقل العصبية، والأطراف القصوى من النظام العصبي. وتمثل حالتا الانفتاح (أو الحالة المنبسطة) والانطوائية (أو الحالة المنعزلة أو المستقلة) في الوقت الراهن الموضوعين الأكثر بحثا وتعمقا في الدراسة النفسية للشخصية، حيث أثارتا فضول مئات العلماء.
وقد توصّل هؤلاء الباحثون إلى اكتشافات مثيرة معزّزة بأحدث التقنيات، غير أنها تعد جزءا لا يتجزأ كذلك من تقليد راسخ طويل. فقد أمضى الشعراء والفلاسفة في الماضي وقتا طويلا بتأمل حالات الانطوائيين والمنفتحين منذ فجر التاريخ المكتوب. ويظهر هذان النوعان للشخصية في الكتاب المقدس ومؤلفات الإغريق وأطباء الرومان، ويذكر بعض علماء النفس المؤيدين لنظرية التطور أن تاريخ ظهور هذين الصنفين يعود بالزمن إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير: فمملكة الحيوان تزخر كذلك “بالانطوائيين” و”المنفتحين”، كما سنرى لاحقا في هذا الكتاب، من الذباب الصغير مرورا بسمك الشمس وحتى قرود النسناس. والجنس البشري معرّض للتضاؤل والإبهام الشديد عند انعدام وجود هذين الصنفين للشخصية، كما هو الحال بالثنائيات المزدوجة المكمّلة لبعضها بعضا -كالذكورة والأنوثة، والشرق والغرب، والتحررية والمحافظة… إلخ.
ولنأخذ مثال شراكة روزا باركس ومارتين لوثر كينغ بهذا الإطار: فرفضُ خطيب مفوّه إخلاء مقعده في حافلة تطبق نظام الفصل العنصري لم يكن ليترك التأثير ذاته الذي تصنعه امرأة بسيطة كان من البديهي أن تفضّل الصمت إلا في المواقف التي تقتضيها الحاجة الماسّة للتحدث. كما أن باركس لم تمتلك موهبة تحريك مشاعر الجمهور إن هي حاولت القيام بذلك وإعلان “أن لديها حلم” (وهي مقولة مارتن لوثر كينغ الشهيرة في الستينيات). إلا إنها لم تضطر لفعل ذلك بوجود كينغ معها.
و الملاحظ أننا نفسح المجال في الوقت الراهن لنطاق ضيّق من أنماط الشخصية. فيتردد على مسامعنا أنه لكي يكون المرء عظيما فلا بد أن يتصف بالجرأة، ولكي يكون سعيدا لا بد أن يكون اجتماعيا. إننا ننظر لأنفسنا على أننا شعب يغلب عليه المنفتحين -ما يعني افتقارنا للبصيرة التي تكوّن ذاتنا الحقيقية. وحسب الدراسة التي يستند إليها الباحث، فإن ما معدله ثلث إلى نصف الأمريكيين يندرجون ضمن تصنيف الانطوائيين، أي بمعدل شخص واحد من كل أثنين أو ثلاثة أشخاص. (وإذا افترضنا أن مواطني شعب الولايات المتحدة يُصنفون على أنهم من أكثر الشعوب انفتاحا، فلا بد أن معدل الانطوائيين يرتفع في مناطق العالم الأخرى). وإن كنت لست أيها القارئ الكريم من الانطوائيين فإنك قطعا متزوج أو مرتبط بأحد منهم أو تتعامل مع أحدهم أو ربما تعيله.
فإذا باغتك شعور بالتفاجؤ من هذه الإحصائية، فمردّ ذلك غالبا أن كثيرا من الناس يتظاهرون بالانفتاح. فالانطوائيون غير ظاهرين للناس ويمرون من بينهم مرور الكرام ودون أن يلاحظهم أحد، وذلك في الملاعب والمدارس الثانوية والشركات الكبرى وغيرها. ويظل بعض الناس ينكرون عن أنفسهم هذه الطبيعة إلى أن يصدمهم حدث من أحداث الحياة -كالتسريح من العمل أو البيت الذي يرحل منه الأبناء أو ميراث يخلق لهم وقت فراغ ليفعلوا ما يشاؤون- ليجبرهم على توصيف حقيقة طبائعهم. وما عليك إلا أن تثير موضوع هذا الكتاب مع أصدقائك ومعارفك لتكتشف أن الانطوائية تكمن في أكثر الأشخاص الذين لا تتوقع فيهم ذلك.
إن من المنطقي أن كثيرا من الانطوائيين يتخفّون حتى عن أنفسهم. فنحن نعيش في ظل نظام قيمي أُطلق عليه نظام “المنفتح المثالي” -فثمة اعتقاد شمولي بأن الذات المثالية تتصف بالاجتماعية والبروز القيادي والارتياح في التواجد في بؤرة الحدث. ويفضل الشخص المنفتح الحقيقي الفعل على التأمل، والمجازفة على الملاحظة، واليقين على الشك. فهو يميل نحو القرارات السريعة حتى إذا ترتب على ذلك مجازفة وقوعه بالخطأ، وهو يحسن التحرك العمل الجماعي ويجيد التواصل الاجتماعي مع أفراد المجاميع. إننا نود الاعتقاد أننا نقدّر الشخصية الفردية، لكننا غالبا ما نعجب بنمط واحد من الأفراد -النوع الذي يرتاح من كونه “الشخص الذي يبادر بمساعدة الآخرين وإن لم يطلبوا ذلك.” نحن نسمح بلا شك للأشخاص المنفردين الموهوبين تقنيا، ممن يشرعون مثلا بأعمال شركاتهم في مرائب سياراتهم، بأن يتسموا بأية شخصية يرغبون بها، لكنهم الاستثناء وليس القاعدة، وقبولنا يمتد أساسا لأولئك الذين يجنون ثروات طائلة أو الذين يَعِدون بذلك.
تعد ظاهرة الانطوائية حاليا -إلى جانب شقيقاتها الأخريات كالإحساس الرقيق والجدية والخجل- سمة من سمات الشخصية ضمن الدرجة الثانية، وتقع بمنطقة ما بين الشعور بخيبة الأمل والخلل والاضطراب المرضي. والانطوائيون الذين يعيشون تحت ظل نموذج “المنفتح المثالي” هم كالنساء اللاتي يعشن في عالم الرجل، فهم عرضة للتجاهل بسبب سمة شخصية تكمن في أعماق كينونتهم. في حين تعد الحالة المنفتحة من أنماط الشخصية شديدة الجاذبية، لكننا حوّلناها إلى معيار نموذجي ثقيل ومرهق يشعر معظمنا بوجوب التوافق معه.
لقد وثّقت دراسات وأبحاث عديدة نموذج “المنفتح المثالي”، وبالرغم من ذلك فإن هذه الدراسة لم تُصنّف قط ضمن مجموعة بعينها وتحت اسم معين. فالأشخاص ذلقو اللسان (الثرثارين) على سبيل المثال يُصنفون على أنهم أذكى وأفضل مظهرا وأكثر إثارة للاهتمام وأشد جذبا للأصدقاء. ودرجة سرعة الحديث تحتل قدرا من الأهمية إلى جانب جهارة الصوت: فنحن نصنف الذين يتحدثون بسرعة على أنهم أكفأ وأجدر بالمودة من الأشخاص البطيئين بالكلام. وتنطبق الديناميكية ذاتها على المجاميع، حيث يبيّن البحث أن طلاقة اللسان تعد مظهرا أذكى من التحفظ وقلة الكلام -حتى وإن كانت درجة العلاقة المتبادلة بين الثرثرة والأفكار الجيدة درجة صفرية. بل إن حتى كلمة “انطوائي” تنطوي على الامتهان والازدراء- وقد استنتجت دراسة غير رسمية كتبتها لوري هيلوغ أن الانطوائيين يصفون مظهرهم الحسي بكلمات يغلب عليها الطابع الحيوي (“عيون خضراء سماوية” “غريب” “عظام وجنة مرتفعة”)، لكن حين طُلب منهم توصيف عموم الانطوائيين، رسموا صورة مبتذلة وكريهة (“بشع” “ألوان حيادية” “أمراض جلدية”).
لكننا نرتكب خطأ فادحا بقبول نموذج “المثالي المنفتح” هكذا دون تمحيص أو عميق تفكير. فثمة جملة من الأفكار الإنسانية الإبداعية والفنون الجميلة والمخترعات التقنية -منذ عصر نظرية التطور مرورا بلوحة زهرة عباد الشمس لفان جوخ وانتهاء بالحاسوب الشخصي- نبعت من أناس هادئين ومتعقلين أدركوا كيف ينسجمون في أعماق عوالمهم الداخلية وعرفوا كيف يستخرجون الكنوز الكامنة فيهم. ولولا إسهامات الانطوائيين وإنجازاتهم لخلا العالم من الإبداعات الإنسانية والعلمية التالية:
– نظرية الجاذبية
– النظرية النسبية
– قصيدة و. ب. ييتس “المجيء الثاني”
– مقطوعة تشوبان الموسيقية
– رواية مارسيل بروست “بحثا عن الزمن الضائع”
– شخصية “بيتر بان”
– روايتا جورج أورويل “1984” و”حديقة الحيوانات”
– كتاب الأطفال “القطة ذات القبعة”
– شخصية “تشارلي براون”
– أفلام “قائمة شيندلر” و”إي تي” و”مصادفة عن قرب من النوع الثالث”
– محرك بحث غوغل
– رواية وفيلم “هاري بوتر”
كتب الصحفي المتخصص بالشؤون العلمية وينفريد غالاغر في هذا الإطار التالي: “تتجسد عظمة النزعة النفسية التي تتوقف عن التفكير بالبواعث والحوافز، بدلا من التسرع بممارستها، بارتباطها الطويل بالانجازات الفنية والفكرية. فمعادلة تكافؤ المادة والطاقة (ط=ك.س2) وقصيدة الفردوس الضائع الملحمية لم يضعهما على عجالة شخص متيّم بالحفلات العامة.” بل إن حتى في المهن التي لا يظهر فيها أثر واضح للانطوائيين كالتمويل والسياسة والنشاط العام، تحققت قفزات نوعية للأمام بناء على جهودهم. وسنشهد في هذا الكتاب كيف أن شخصيات كإليانور روزفلت وآل غور ووارين بوفيت والمهاتما غاندي -بالإضافة إلى روزا باركس- لم ينجزوا ما أنجزوه إلا بسبب انطوائيتهم.
لكننا نلاحظ، كما سنستعرض في كتاب الهدوء، أن كثيرا من أهم المؤسسات التي نعاصرها في حياتنا مصمّمة للأشخاص الذين يستمتعون بالمشاريع الجماعية ومستويات التحفيز القصوى. وعندما كنا تلاميذا في المدارس يظهر جليا اعتقاد الغالبية العظمى من المدرسين أن الطالب المثالي هو المنفتح، وهو ما يشير له على سبيل المثال تنظيم أدراج التلاميذ بالصف غالبا بأشكال ثنائية متقابلة، وهو الشكل الأفضل لتعزيز التعليم الجماعي. كما أن أبطال المسلسلات والأعمال التلفازية للأطفال التي نتفرج عليها ليسوا أطفالا كأبناء جيراننا المعتادين في شخصيات دراما زمن الطفولة القديم كسيندي برادي (في مسلسل عائلة برادي) وبيفر كليفر (في مسلسل اعتمد على بيفر)، بل هم نجوم لموسيقى الروك ومقدمو الإعلانات الشهيرين في الشبكة العنكبوتية بشخصياتهم الجامحة كـ(هانا مونتانا) وكارلي شاي في المسلسل الشبابي (آي كارلي). ويندرج هذا حتى على شخصية كارتونية مثل (سيد، الصبي العلمي) الذي تبثه شبكة بي بي إس لعرض معلومات علمية قبل توجه الأطفال للمدارس، حيث ينطلق في كل صباح مؤديا حركات راقصة برفقة أصحابه. (“إليكم حركاتي! فأنا نجم الروك!”).
ويعمل أكثرنا -ونحن في مرحلة النضج من أعمارنا- لجهات تصر على جعلنا نعمل على مجموعات وفي مكاتب بلا جدران، ولرؤساء عمل يقدّرون “مهارات الأشخاص” ويضعونها فوق كل غاية. ولكي نبدأ حياتنا المهنية، يُتوقع منا الترويج لأنفسنا بلا خجل. فالعلماء الذي تُمول بحوثهم يمتلكون في معظم الأحيان شخصيات واثقة، بل ربما تبالغ كثيرا في درجة ثقتها بالنفس. والفنانون الذين تزخرف لوحاتهم جدران المعارض الفنية المعاصرة يتقصّدون إثارة الذهول وإيقاع الدهشة بوضعيات وزوايا رسوماتهم عند افتتاح المعارض. وأصبح الناشرون الآن يراجعون المؤلفين الذين تنشر كتبهم -حال قبولها كصنف متفرد من نوعه- للتأكد من جاهزيتهم لإجراء مقالات في البرامج الحوارية التلفازية. (لن تقرؤوا هذا الكتاب لو لم أقنع الناشر أنني شبيهة بالمنفتحين.)
لو كنتَ انطوائيا، لأدركتَ أيضا أن الانحياز ضد الهدوء قد يسبب آلاما نفسية عميقة. ولعل شخصا ما قد يسمع إبان طفولته أن والديه اعتذرا عن خجله مما يؤثر بنفسيته أبلغ تأثير. (“لماذا لا تتشبه بأبناء كينيدي؟” هكذا سأل أبوين مفتونين بعصر آل كينيدي الذهبي ابنهما الذي أجريتُ معه عدة مقابلات لاحقا عندما كبر.) أو قد يستحثونه في المدرسة على “الخروج من قوقعته” -وهو التعبير الهدّام الذي لا يرتقي لإدراك أن بعض الحيوانات بطبيعتها تحمل معها مأواها حيثما ذهبت، وبعض بني البشر مثلها تماما. وقد راسلني شخص ضمن قائمة بريدية إليكترونية بعنوان (ملاذ الانطوائيين) قائلا “مازالت جميع التعليقات منذ طفولتي ترن صداها في أذناي بأنني كسول وغبي وبطيء وممل.”ويردف قائلا “ومع حلول الوقت الذي كبرتُ فيه لأدرك أنني مجرد شخص انطوائي، تغلغل في كياني الاعتقاد بأن ثمة عيبا فطريا يكتنفني. أتمنى أن أفلح بالعثور على تلك البقايا من الشك لأزيلها.”
أما وقد كبرتَ أيها القارئ، فربما ما زلتَ تشعر بالذنب المفاجئ حين ترفض مثلا دعوة على العشاء مفضلا على ذلك قراءة كتاب ممتع. أو ربما تود أن تستمتع بمقدرتك على تناول الأكل في مطعم لوحدك ولا تهمك النظرات المشفقة من حولك. أو ربما يقال لك “إنك تبالغ بالتفكير بأكثر مما ينبغي”، وهي عبارة غالبا ما تستخدم ضد الشخص الهادئ والمتعقل بالأمور.
وثمة كلمة أخرى بطبيعة الحال تصف مثل هؤلاء الأشخاص، وهي: المفكرون.
لقد شهدتُ ولمستُ عن قرب مدى الصعوبة التي يواجهها الانطوائيون عند إجراء تقييم دقيق لمواهبهم، ومدى القدرة الناتجة عن ذلك عندما ينجحون بإجرائه. وقد واظبتُ لأكثر من عشر سنين على تدريب أشخاص من كل الأنواع على المهارات التفاوضية -كمحامو شركات وطلاب جامعات ومدراء محافظ استثمارية وقائية وأزواج وزوجاتهم. وقمنا بالطبع بتغطية الأساسيات الضرورية مثل كيفية التحضير للمفاوضات، وتوقيت تقديم العرض الأول، وما هو العمل عندما يقول الطرف الثاني “إما أن تقبل هذا العرض أو ترفضه.” لكنني في ذات الوقت ساعدت العملاء الذين يأتونني على التعرّف على شخصياتهم الطبيعية وكيفية استخراج أقصى ما فيها.
كانت عميلتي الأولى شابة تدعى لورا وعملت كمحامية في وول ستريت، لكنها كانت من النوع الهادئ والمستغرق بأحلام اليقظة، وممن يرهبون تسليط الأضواء عليهم ويكرهون التعدّي على مساحاتهم الخاصة. إلا إنها تمكنت بطريقة أو بأخرى من تجاوز بوتقة كلية هارفارد للحقوق- وهو مكان لشعب دراسية تعقد في مدرجات ضخمة شديدة التنافسية، حيث توترت أعصابها ذات مرة بشكل شديد إلى الحد الذي جعلها تتقيّأ في الطريق إلى الصف. وبما أنها ولجت إلى معمعة العالم الحقيقي، فلم تكن متيقنة من استطاعتها تمثيل عملائها بالصورة المؤثّرة والفعّالة المأمولة.
لم تختبر لورا هذا الافتراض في أولى سنواتها الثلاث نظرا لكونها مبتدئة في الوظيفة، غير أن المحامي المسؤول الذي عملت معه ذهب في إجازة وترك لها مسؤولية إجراء عملية تفاوض هامة. وكان العميل شركة تصنيع من إحدى دول أمريكا الجنوبية تخلّفت عن تسديد قرض مصرفي ورغبت بإعادة التفاوض حول شروطه؛ وتواجد على الطرف الآخر من طاولة المفاوضات لجنة من المصرفيين الذين يمتلكون القرض المهدد بعدم السداد.
كانت لورا ستفضّل الاختباء تحت الطاولة المذكورة آنفا، بيد أنها اعتادت على مقاومة مثل هذه النزعات. فأخذت مكانها في مقعد الصدارة ببسالة لكن بشيء من التوتر، وكان يحيط بها عملاؤها وهم: مستشار عام من جهة، ومسؤول مالي بارز من الجهة الأخرى. وتصادف أن هذين العميلين من العملاء المفضلين لدى لورا، فهما لطيفان وذوو صوت ليّن ورقيق، على خلاف نمط “سادة الكون” الذين تمثلهم شركتها عادة. وتولّت لورا في الماضي استشارات عامة لقضايا مالية وتجارية ذات ارتباط اجتماعي، لكنها أضحت كالنزهات اللطيفة الآن -التي تستمتع بها لورا المحبة للتقارب الاجتماعي- وبدا أن تلك اللحظات بعيدة جدا. جلس من الناحية المقابلة للطاولة تسعة مصرفيين استثماريين ظهرت عليهم علامات الوجوم ويرتدون بزات مفصّلة الخياطة وأحذية باهظة الثمن، ترافقهم محاميتهم وهي امرأة ذات حنك صارم وأسلوب ودي بالتعامل. وانطلقت هذه المرأة الواثقة من نفسها بكل وضوح بإلقاء خطبة مؤثرة فحواها أن عملاء لورا سيحالفهم الحظ إن وافقوا على شروط مسؤولي المصرف. فقد كان عرضا شهما للغاية، كما وصفته بلسانها.
انتظر جميع من في الغرفة ردّ لورا، لكنها لم تكن تفكر بأي شيء لتقوله. فجلست في مكانها بلا حراك، تغض الطرف. تسلّطت عليها العيون كلها. وتزحزح عملاؤها في مقاعدهم بضجر. وتقلّبت نواقيس أفكارها بمنحنيات مألوفة: إنني من الهدوء بحيث لا يمكنني مواجهة هذا الاجتماع، شديدة التواضع، شديدة التعقل. تخيّلت الشخص المؤهل أكثر منها لإنقاذ الموقف: شخص جريء وسلس ومستعد لأن يضرب الطاولة بعنف. أما في زمن الدراسة، فإن هذا الشخص كان سيوصف، على خلاف لورا، بأنه “اجتماعي”، وهو أقصى ما يعرفه زملاء صفها السابع من إشادة، أقصى حتى من وصف فتاة “بالجميلة” أو وصف فتى “بالرياضي”. فقطعت لورا على نفسها وعدا فحواه أن عليها فقط أن تنجو من هذا اليوم، ثم ستبحث بالغد عن مهنة أخرى.
ثم تذكرتْ ما أخبرتُها إياها مرارا وتكرارا: أنها انطوائية، وبناء عليه فإنها تمتلك قدرات فريدة من نوعها بالتفاوض -ربما قدرات قليلة الوضوح لكنها ليست قليلة التأثير أو العنفوان. وهي علاوة على ذلك مستعدة وحاضرة لهذا الاجتماع أكثر من أي شخص آخر، وأنها تتّسم بأسلوب حديث هادئ لكنه حازم في الوقت نفسه. ونادرا ما تتحدث دون تفكير، وكونها حليمة الطباع فإن بمقدورها بالمقابل اتخاذ مواقف قوية، بل شرسة كذلك، مع تركها لبصمة تثير الإعجاب إذ تتمتع شخصيتها بمنطق خلاب. فبدأت بطرح الأسئلة -وابل من الأسئلة- وأخذت تنصت للأجوبة، وهو عامل حاسم جدا لإجراء مفاوضات فعّالة، بغض النظر عن توصيف شخصية المرء.
وهكذا شرعت لورا أخيرا بتفعيل ما تدفق منها طبيعيا.
فسألت: “فلنعد خطوة إلى الوراء قليلا. أرقامكم، تستند على ماذا؟”
“ماذا لو صغنا القرض بهذه الطريقة، هل تعتقدون أن هذا سيجدي نفعا؟”
“وماذا عن تلك الطريقة؟”
“وبطريقة أخرى مختلفة؟”
بدت أسئلتها في البداية خجولة ومتردّدة، غير أنها تحسنت أكثر فأكثر مع مضي الوقت، فأدى ذلك إلى إرباكهم إلى حد ملفت للانتباه وأوضحت للجميع مراجعتها الدقيقة للمسألة وأنها لن تستسلم للبيانات المطروحة على علاتها أو تذعن لها. على أنها في الوقت نفسه ظلت مخلصة لأسلوبها الذي يميّزها، فلم ترفع صوتها أو تفقد سلوكها اللائق بها. وفي كل مرة قدّم فيها مسؤولو المصرف تشديدات بدت متعنتة وغير قابلة للتغيير، حاولت لورا أن تكون بنّاءة، فتسأل “هل تقولون إن هذه هي الطريقة الوحيدة للمضي قدما؟” ماذا لو سلكنا نهجا مختلفا؟”
وعند اقتراب الاجتماع من نهايته، عملت استفساراتها على تحوّل المزاج السائد في قاعة الاجتماع، كما ينص عليه كتاب التفاوض النموذجي تماما. وكفّ المصرفيون عن إلقاء الخطب الرنّانة والتظاهر بالهيمنة، وهي حركات أدركت منها لورا أنها تنمّ عن سوء الإعداد للموضوع برمته، فبدؤوا بإجراء محادثات حقيقية وعملية.
فجرت مزيد من النقاشات، لكن اتفاقا لم يتمخّض عنها. غير أن أحد المصرفيين قام بتسريع الأحداث مجددا، فألقى بأوراقه أرضا وخرج غاضبا من الغرفة أشد الغضب. تجاهلت لورا ما جرى، لأنها غالبا لم تعرف ما تفعل غير اللامبالاة. أخبرها أحدهم لاحقا أنها بتلك اللحظة الحاسمة قد لعبت جيدا ما يسمى لعبة “جوجيتسو المفاوضات.” لكنها لم تكن تعلم سوى أنها تقوم بما تعلمت فعله حسب طبيعتها كشخصية هادئة في عالم يسوده الصخب.
وأخيرا، نجح الجانبان بعقد صفقة مرضية. فغادر مسؤولو المصرف المبنى واتجه عملاء لورا المفضَّلين إلى المطار، بينما ذهبت لورا إلى بيتها واستلقت على أريكتها المريحة لقراءة كتاب لعله ينسيها توتّرات ذلك اليوم.
لكن في صباح اليوم التالي، اتصلت المحامية المسؤولة عن المصرفيين -المرأة المفعمة بالحيوية ذات الحنك القوي- لتعرض عليها وظيفة معها. وعلّلت ذلك قائلة “لم أرَ في حياتي شخصية لطيفة هكذا وصلبة في آن واحد.” وفي اليوم التالي، اتصل المسؤول المصرفي القيادي بلورا طالبا منها معرفة ما إذا كانت شركتها للمحاماة تقبل أن تمثل شركته في المستقبل. حيث ذكر مشددا “إننا بحاجة لمحام قادر على إنجاز الصفقات دون السماح بدخول مشاعر الاعتداد بالنفس أثناء ذلك.”
ومن هنا، فإن لورا نجحت بجذب الاهتمام نحو تعاقد عمل جديد مع شركتها من جهة وفرصة وظيفية لنفسها من الجهة الأخرى، من خلال الالتزام بأسلوبها الرقيق بمواجهة الأمور. أما رفع صوتها وضرب الطاولة بعنف فلم يكونا ضروريين البتة.

23 responses to “ترجمة مقدمة كتاب | الهدوء: قوة الانطوائيين في عالم لا يكف عن الكلام | لمؤلفته سوزان كاين || ترجمة: فيصل كريم الظفيري

  1. وهنا النص الإنجليزي المصدر:

    Our lives are shaped as profoundly by personality as by gender or race. And the single most important aspect of personality—the “north and south of temperament,” as one scientist puts it—is where we fall on the introvert-extrovert spectrum. Our place on this continuum influences our choice of friends and mates, and how we make conversation, resolve differences, and show love. It affects the careers we choose and whether or not we succeed at them. It governs how likely we are to exercise, commit adultery, function well without sleep, learn from our mistakes, place big bets in the stock market, delay gratification, be a good leader, and ask “what if.”* It’s reflected in our brain pathways, neurotransmitters, and remote corners of our nervous systems. Today introversion and extroversion are two of the most exhaustively researched subjects in personality psychology, arousing the curiosity of hundreds of scientists.
    These researchers have made exciting discoveries aided by the latest technology, but they’re part of a long and storied tradition. Poets and philosophers have been thinking about introverts and extroverts since the dawn of recorded time. Both personality types appear in the Bible and in the writings of Greek and Roman physicians, and some evolutionary psychologists say that the history of these types reaches back even farther than that: the animal kingdom also boasts “introverts” and “extroverts,” as we’ll see, from fruit flies to pumpkinseed fish to rhesus monkeys. As with other complementary pairings—masculinity and femininity, East and West, liberal and conservative—humanity would be unrecognizable, and vastly diminished, without both personality styles.
    Take the partnership of Rosa Parks and Martin Luther King Jr.: a formidable orator refusing to give up his seat on a segregated bus wouldn’t have had the same effect as a modest woman who’d clearly prefer to keep silent but for the exigencies of the situation. And Parks didn’t have the stuff to thrill a crowd if she’d tried to stand up and announce that she had a dream. But with King’s help, she didn’t have to.
    Yet today we make room for a remarkably narrow range of personality styles. We’re told that to be great is to be bold, to be happy is to be sociable. We see ourselves as a nation of extroverts—which means that we’ve lost sight of who we really are. Depending on which study you consult, one third to one half of Americans are introverts—in other words, one out of every two or three people you know. (Given that the United States is among the most extroverted of nations, the number must be at least as high in other parts of the world.) If you’re not an introvert yourself, you are surely raising, managing, married to, or coupled with one.
    If these statistics surprise you, that’s probably because so many people pretend to be extroverts. Closet introverts pass undetected on playgrounds, in high school locker rooms, and in the corridors of corporate America. Some fool even themselves, until some life event—a layoff, an empty nest, an inheritance that frees them to spend time as they like—jolts them into taking stock of their true natures. You have only to raise the subject of this book with your friends and acquaintances to find that the most unlikely people consider themselves introverts.
    It makes sense that so many introverts hide even from themselves. We live with a value system that I call the Extrovert Ideal—the omnipresent belief that the ideal self is gregarious, alpha, and comfortable in the spotlight. The archetypal extrovert prefers action to contemplation, risk-taking to heed-taking, certainty to doubt. He favors quick decisions, even at the risk of being wrong. She works well in teams and socializes in groups. We like to think that we value individuality, but all too often we admire one type of individual—the kind who’s comfortable “putting himself out there.” Sure, we allow technologically gifted loners who launch companies in garages to have any personality they please, but they are the exceptions, not the rule, and our tolerance extends mainly to those who get fabulously wealthy or hold the promise of doing so.
    Introversion—along with its cousins sensitivity, seriousness, and shyness—is now a second-class personality trait, somewhere between a disappointment and a pathology. Introverts living under the Extrovert Ideal are like women in a man’s world, discounted because of a trait that goes to the core of who they are. Extroversion is an enormously appealing personality style, but we’ve turned it into an oppressive standard to which most of us feel we must conform.
    The Extrovert Ideal has been documented in many studies, though this research has never been grouped under a single name. Talkative people, for example, are rated as smarter, better-looking, more interesting, and more desirable as friends. Velocity of speech counts as well as volume: we rank fast talkers as more competent and likable than slow ones. The same dynamics apply in groups, where research shows that the voluble are considered smarter than the reticent—even though there’s zero correlation between the gift of gab and good ideas. Even the word introvert is stigmatized—one informal study, by psychologist Laurie Helgoe, found that introverts described their own physical appearance in vivid language (“green-blue eyes,” “exotic,” “high cheekbones”), but when asked to describe generic introverts they drew a bland and distasteful picture (“ungainly,” “neutral colors,” “skin problems”).
    But we make a grave mistake to embrace the Extrovert Ideal so unthinkingly. Some of our greatest ideas, art, and inventions—from the theory of evolution to van Gogh’s sunflowers to the personal computer—came from quiet and cerebral people who knew how to tune in to their inner worlds and the treasures to be found there. Without introverts, the world would be devoid of:
    the theory of gravity
    the theory of relativity
    W. B. Yeats’s “The Second Coming”
    Chopin’s nocturnes
    Proust’s In Search of Lost Time
    Peter Pan
    Orwell’s Nineteen Eighty-Four and Animal Farm
    The Cat in the Hat
    Charlie Brown
    Schindler’s List, E.T., and Close Encounters of the Third Kind
    Google
    Harry Potter*
    As the science journalist Winifred Gallagher writes: “The glory of the disposition that stops to consider stimuli rather than rushing to engage with them is its long association with intellectual and artistic achievement. Neither E=mc2 nor Paradise Lost was dashed off by a party animal.” Even in less obviously introverted occupations, like finance, politics, and activism, some of the greatest leaps forward were made by introverts. In this book we’ll see how figures like Eleanor Roosevelt, Al Gore, Warren Buffett, Gandhi—and Rosa Parks—achieved what they did not in spite of but because of their introversion.
    Yet, as Quiet will explore, many of the most important institutions of contemporary life are designed for those who enjoy group projects and high levels of stimulation. As children, our classroom desks are increasingly arranged in pods, the better to foster group learning, and research suggests that the vast majority of teachers believe that the ideal student is an extrovert. We watch TV shows whose protagonists are not the “children next door,” like the Cindy Bradys and Beaver Cleavers of yesteryear, but rock stars and webcast hostesses with outsized personalities, like Hannah Montana and Carly Shay of iCarly. Even Sid the Science Kid, a PBS-sponsored role model for the preschool set, kicks off each school day by performing dance moves with his pals. (“Check out my moves! I’m a rock star!”)
    As adults, many of us work for organizations that insist we work in teams, in offices without walls, for supervisors who value “people skills” above all. To advance our careers, we’re expected to promote ourselves unabashedly. The scientists whose research gets funded often have confident, perhaps overconfident, personalities. The artists whose work adorns the walls of contemporary museums strike impressive poses at gallery openings. The authors whose books get published—once accepted as a reclusive breed—are now vetted by publicists to make sure they’re talk-show ready. (You wouldn’t be reading this book if I hadn’t convinced my publisher that I was enough of a pseudo-extrovert to promote it.)
    If you’re an introvert, you also know that the bias against quiet can cause deep psychic pain. As a child you might have overheard your parents apologize for your shyness. (“Why can’t you be more like the Kennedy boys?” the Camelot-besotted parents of one man I interviewed repeatedly asked him.) Or at school you might have been prodded to come “out of your shell”—that noxious expression which fails to appreciate that some animals naturally carry shelter everywhere they go, and that some humans are just the same. “All the comments from childhood still ring in my ears, that I was lazy, stupid, slow, boring,” writes a member of an e-mail list called Introvert Retreat. “By the time I was old enough to figure out that I was simply introverted, it was a part of my being, the assumption that there is something inherently wrong with me. I wish I could find that little vestige of doubt and remove it.”
    Now that you’re an adult, you might still feel a pang of guilt when you decline a dinner invitation in favor of a good book. Or maybe you like to eat alone in restaurants and could do without the pitying looks from fellow diners. Or you’re told that you’re “in your head too much,” a phrase that’s often deployed against the quiet and cerebral.
    Of course, there’s another word for such people: thinkers.

    I have seen firsthand how difficult it is for introverts to take stock of their own talents, and how powerful it is when finally they do. For more than ten years I trained people of all stripes—corporate lawyers and college students, hedge-fund managers and married couples—in negotiation skills. Of course, we covered the basics: how to prepare for a negotiation, when to make the first offer, and what to do when the other person says “take it or leave it.” But I also helped clients figure out their natural personalities and how to make the most of them.
    My very first client was a young woman named Laura. She was a Wall Street lawyer, but a quiet and daydreamy one who dreaded the spotlight and disliked aggression. She had managed somehow to make it through the crucible of Harvard Law School—a place where classes are conducted in huge, gladiatorial amphitheaters, and where she once got so nervous that she threw up on the way to class. Now that she was in the real world, she wasn’t sure she could represent her clients as forcefully as they expected.
    For the first three years on the job, Laura was so junior that she never had to test this premise. But one day the senior lawyer she’d been working with went on vacation, leaving her in charge of an important negotiation. The client was a South American manufacturing company that was about to default on a bank loan and hoped to renegotiate its terms; a syndicate of bankers that owned the endangered loan sat on the other side of the negotiating table.
    Laura would have preferred to hide under said table, but she was accustomed to fighting such impulses. Gamely but nervously, she took her spot in the lead chair, flanked by her clients: general counsel on one side and senior financial officer on the other. These happened to be Laura’s favorite clients: gracious and soft-spoken, very different from the master-of-the-universe types her firm usually represented. In the past, Laura had taken the general counsel to a Yankees game and the financial officer shopping for a handbag for her sister. But now these cozy outings—just the kind of socializing Laura enjoyed—seemed a world away. Across the table sat nine disgruntled investment bankers in tailored suits and expensive shoes, accompanied by their lawyer, a square-jawed woman with a hearty manner. Clearly not the self-doubting type, this woman launched into an impressive speech on how Laura’s clients would be lucky simply to accept the bankers’ terms. It was, she said, a very magnanimous offer.
    Everyone waited for Laura to reply, but she couldn’t think of anything to say. So she just sat there. Blinking. All eyes on her. Her clients shifting uneasily in their seats. Her thoughts running in a familiar loop: I’m too quiet for this kind of thing, too unassuming, too cerebral. She imagined the person who would be better equipped to save the day: someone bold, smooth, ready to pound the table. In middle school this person, unlike Laura, would have been called “outgoing,” the highest accolade her seventh-grade classmates knew, higher even than “pretty,” for a girl, or “athletic,” for a guy. Laura promised herself that she only had to make it through the day. Tomorrow she would go look for another career.
    Then she remembered what I’d told her again and again: she was an introvert, and as such she had unique powers in negotiation—perhaps less obvious but no less formidable. She’d probably prepared more than everyone else. She had a quiet but firm speaking style. She rarely spoke without thinking. Being mild-mannered, she could take strong, even aggressive, positions while coming across as perfectly reasonable. And she tended to ask questions—lots of them—and actually listen to the answers, which, no matter what your personality, is crucial to strong negotiation.
    So Laura finally started doing what came naturally.
    “Let’s go back a step. What are your numbers based on?” she asked.
    “What if we structured the loan this way, do you think it might work?”
    “That way?”
    “Some other way?”
    At first her questions were tentative. She picked up steam as she went along, posing them more forcefully and making it clear that she’d done her homework and wouldn’t concede the facts. But she also stayed true to her own style, never raising her voice or losing her decorum. Every time the bankers made an assertion that seemed unbudgeable, Laura tried to be constructive. “Are you saying that’s the only way to go? What if we took a different approach?”
    Eventually her simple queries shifted the mood in the room, just as the negotiation textbooks say they will. The bankers stopped speechifying and dominance-posing, activities for which Laura felt hopelessly ill-equipped, and they started having an actual conversation.
    More discussion. Still no agreement. One of the bankers revved up again, throwing his papers down and storming out of the room. Laura ignored this display, mostly because she didn’t know what else to do. Later on someone told her that at that pivotal moment she’d played a good game of something called “negotiation jujitsu”; but she knew that she was just doing what you learn to do naturally as a quiet person in a loudmouth world.
    Finally the two sides struck a deal. The bankers left the building, Laura’s favorite clients headed for the airport, and Laura went home, curled up with a book, and tried to forget the day’s tensions.
    But the next morning, the lead lawyer for the bankers—the vigorous woman with the strong jaw—called to offer her a job. “I’ve never seen anyone so nice and so tough at the same time,” she said. And the day after that, the lead banker called Laura, asking if her law firm would represent his company in the future. “We need someone who can help us put deals together without letting ego get in the way,” he said.
    By sticking to her own gentle way of doing things, Laura had reeled in new business for her firm and a job offer for herself. Raising her voice and pounding the table was unnecessary.
    Today Laura understands that her introversion is an essential part of who she is, and she embraces her reflective nature. The loop inside her head that accused her of being too quiet and unassuming plays much less often. Laura knows that she can hold her own when she needs to.

    إعجاب

  2. جزاك الله خيرا اخي فيصل على الترجمة
    وددت ان احصل على النسخة العربية .. لكن يبدو ان الكتاب لم يُترجم بعد
    هل يمكنك ان ترسل لي نسخة من الكتاب باللغة الانجليزية ؟
    وجعل ربي ما تفعله في ميزان حسناتك

    إعجاب

  3. دكتور فيصل تعجز أبجدية اللغة العربية على أن توازي براعتكم في أنتقاء الألفاظ وصياغة الجمل بطريقة أنسيابية رائعة لاشك أن ترجمة الصفحات أعلاه قد أخذت منكم وقتا طويلا وجهدا جبار فليس من الهين أن تترجم مثل هذه الكلمات، كل الحب والتوقيق ياصديقي

    إعجاب

    • حياك الله أخي الأستاذ أحمد، أتذكر أن ترجمة هذا الجزء من مقدمة الكتاب استغرقت ربما من 4 إلى 6 أيام. هي ترجمة في علم النفس عموما، لكنها تقترب من الترجمة العامة.
      كان يفترض أن يتم مشروع ترجمة الكتاب لصالح مجلة عالم المعرفة لكنهم تراجعوا في اللحظات الأخيرة

      إعجاب

  4. أستاذ فيصل.. انتقاء النصوص وبراعة الترجمة.. تعيد للمدونات الشخصية أهميتها بالنسبة لي.. شكرا جزيلا لقلمك

    إعجاب

    • حياكم الله أخي الكريم محمد الحميد
      أهمية هذه المدونة أو تلك ينبع قطعا من القيمة التي تعمل على نشرها. وهذا ما أجتهد أنا وغيري بانتقاء المادة واختيار النص. تقبل أطيب تحية

      إعجاب

  5. جزاكم الله خيرا
    هل الكتاب متوفر بالنسخة الانجليزية ؟
    لو امكن ارسالها لى عبر الايميل فضلا 🙂

    إعجاب

    • أهلا بالأخت الكريمة سارة محمد.
      الكتاب متوفر عندي بنسخة إنجليزية، وقيل لي إن دار نشر مصرية أخذت حقوقه
      سأحاول إرساله لك بهذا الإيميل إن شاء الله

      إعجاب

  6. جزاك الله خيرا اخي على هذه الترجمة المتقنة
    هل يمكنني ان احصل على الكتاب بالبريد الالكتروني

    إعجاب

أضف تعليق