ضباب الأكاذيب في شأن داعش بلا حسيب

يقال إذا كذبت كذبة، فاجعلها معقولة حتى يصدقها الناس. هذا ما تبادر إلى ذهني عندما قرأت تصريح قائد قوات الباسيج الإيراني محمد رضا نقدي من “أن ‫#‏داعش‬ تتلقى أوامرها من ‫#‏واشنطن‬ وسفارتها في ‫#‏بغداد‬ تدعمهم بالسلاح”. فلا أعتقد أن المسؤولين ‫#‏الإيرانيين‬ يعينون شخصية قد تتسم بالحمق والعته بهذا المكان الحساس، ذلك أن ما قاله لا يصنف سوى في هذا الإطار. لكنني قد أتفهم خلفيات هذا التصريح إذا ما وضعته في إطار الاستهلاك المحلي البحت في الشارع الإيراني الذي اعتاد بالتأكيد هذه الزوابع الفنجانية، لا سيما أنه أطلق كذلك قنبلة صوتية من عيار كذا ألف هيرتز من أنه “سيمحو الصهيونية وواشنطن من الوجود”. والسيد نقدي يعلم علم اليقين أنه ليس بهذه الطريقة الساذجة، التي لا يصدقها إلا السفهاء، تعمل واشنطن على دعم داعش. فالطريقة أعقد وأتقن بكثير مما ساقه علينا نقدي، ومن يقرأ التاريخ مثلا سيرى شيئا من كيفية توجيه الأمريكان لداعش لتحقيق بعض مآربهم أو كلها -وأعتقد أن تهديد “الفوضى الخلاّقة” القديم يرتبط بشكل أو بآخر مع داعش- لكن الذي لا يذكره نقدي (ولن يذكره طبعا) هو كيف استفادت الحكومة الإيرانية من داعش في سورية، بل وحتى في العراق. فإذا أحسنا الظن بالإيرانيين، نتساءل كيف تقاطعت مصالحهم مع طموحات داعش في سورية إلى الحد الذي جعل “الثورة السورية” تفقد قوتها بسبب تحركات داعش القاتلة وطعنها ظهر الثوار السوريين مدة طويلة نسبيا واستفاد من ذلك النظام السوري (حليف الإيرانيين وجماعاته الطائفية).
أما في ‫#‏العراق‬، فوجود داعش ضروري ومهم للإيرانيين الذين من مصلحتهم العليا إبقاء فزاعة مستمرة تجعل بلاد الرافدين تخلو من الاستقرار والاستقلال. وهما عاملان خطيران على الكيان الإيراني بطبيعة الحال، لأن قادته ينتابهم شعور سيء بأن العراق سيطالب بدفع فاتورة السنوات العشر العجاف السابقة التي قضاها في ظل هيمنة إيرانية سياسية ومليشياوية غير مسبوقة تاريخيا. ويحاول قادة إيران تأخير وقوع هذا الكابوس قدر المستطاع، لكنهم يوقنون أنه قادم لا محالة.
وعلى الرغم من أن تصريحا آخر لقائد القوات البرية الإيرانية أحمد رضا بوردستان يقول فيه بصراحة “إنهم رسموا خطا أحمر لداعش من حدود إيران إلى 40 كيلومتر داخل العراق، وأن داعش فهموا الرسالة الإيرانية ولم يتجاوزوا الخط الأحمر” فمع أن هذا يشي بـ”تفاهم” أي بمعنى آخر تعليمات أو ربما تعاون ما بين الطرفين، إلا إن هذا الوضع لا يذر الرماد في العيون بالمسألة الواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، ألا وهي تحقّق الأهداف الإيرانية قصيرة المدى من خلال داعش وتحركاتها سواء في سورية أو العراق.
وبالتالي، يظل المواطن العراقي -بكائفة طوائفه وفئاته- أسيرا لهذا المشروع الذي ينسق خطواته حثيثا مع الأمريكان ومن وراء الستار لإبقاء العراق مكبلا ومقيدا إلى أجل غير مسمى، وطالما تستمر سيمفونية (سنة-شيعة) بكل مراراتها وأحقادها ومآسيها، فسيرتفع صدى أنين الرافدين، وما من أحد يسمع أو يعتبر، إلا إذا كسر الشعب العراقي هذه المعادلة الشيطانية ونبذ من حساباته الأمريكان وحلفائه الإيرانيين وحكام الخليج، واعتمد فقط على الله ناصر المؤمنين، كما يفعل الشعب السوري الذي قرر الصمود وعدم الاستسلام بالرغم من كل الجراحات

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s