أصنام بلا عجوة

عبد عرب الجاهلية صنم اللات لأسطورة صنعها من حاول أن يستثمرها لمصلحة معينة، فقيل إنه “رجل صالح كان يلت السويق للحجيج”، أي أنه يعجن لهم وجبة دسمة فلا يأكلها الحاج ألا ويسمن. فلما مات، قال أحدهم (ربما هو عمرو بن لحي) “إن الرجل الصالح لم يمت لكنه تلبس في الصخرة.” المهم أن أساس الأسطورة التي تبنّاها الناس آنذاك أن حجيجهم قد أكلوا من ذلك الرجل حتى سمنوا، وبذلك ثمة أساس يساعد على إعطاء الأسطورة صبغة من مصداقية، وهذا مقياس على منطقية عرب الجاهلية وعدم استخفافهم بعقول من يودون خداعهم إلى حدود مسفّة ومنحطة، بغض النظر عن ما وصلوا إليه من شرك عظيم بالله.

أما في عصرنا الحالي، فإن الاستخفاف بالعقول بلغ مبلغا يثير الغثيان. فصنع الأسطورة والأصنام عاد بجدارة، لكن مع الاستهتار بمنطقية الأساس. ومن ذلك، خلق أساطير لبعض الحكام وأنهم “يبكون ليل نهار تضرعا لله لعودة القدس لحضنها العربي والإسلامي ومخافة أن يحاسبهم الله على التقصير في ذلك”. فيا من تمتهنون صنع الأساطير والأوثان لتعبد من دون الله، تضحكون على من؟ ألا تجيدون قليلا صنعتكم كما أجادها مشركو الجاهلية؟ فأنتم تعلمون بصنيعكم هذه ما هو مصيركم الحتمي، فاذهبوا للجحيم بقليل من المنطق وليس باستخفاف واضح هكذا!

إن أول من باع القدس وتركها عامدا متعمدا للغزاة هم أولئك الذين يذرفون عليها دموع التماسيح والخديعة، بل لا نجافي الحقيقة حين نذكر أنهم هم من حرّض على التقسيم والتشرذم وجعل فلسطين قربانا لاستحواذهم على السلطة بلا شرعية أو مسوّغ صحيح. ومن فضحهم هم أسيادهم الغرب والملفات التي تتساقط منهم هنا وهناك. وعلى من يريد صنع وثن جديد، فلا بأس أن يصنعه من “عجوة” مثلا، حتى تأكل الناس منه على الأقل، كما فعل رجل صنم اللات.

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s