إن اغتصاب امرأة في الشارع -على فداحة هذه الجريمة الكبرى- لهو أهون من اغتصاب حق #الأمة من #حكام أو جماعات افتأتوا عليها وسلبوها حقها في اختيار من يحكمها. وخير من يقرّر ذلك هو #الرسول المصطفى عليه الصلاة والسلام في #الحديث الصحيح (صحيح من جميع الأوجه بعد تحقيقه) وهو كالتالي:
“حدثتنا أم سلمة ، أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بينما هو يوم في بيتها وعنده رجال من أصحابه يتحدثون إذ جاء رجل ، فقال : يا رسول الله ، صدقة كذا وكذا من التمر ؟ فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ” كذا وكذا ” قال الرجل : فإن فلانا تعدى علي فأخذ مني كذا وكذا ، فازداد صاعا ، فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : “فكيف إذا سعى عليكم من يتعدى عليكم أشد من هذا التعدي ؟ ” ، فخاض الناس وبهرهم الحديث حتى قال رجل منهم : يا رسول الله ، إن كان رجلا غائبا عند إبله وماشيته وزرعه ، فأدى زكاة ماله فتعدى عليه الحق ، فكيف يصنع وهو عنك غائب ؟ فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : “من أدى زكاة ماله طيب النفس بها يريد وجه الله والدار الآخرة لم يغيب شيئا من ماله ، وأقام الصلاة ، ثم أدى الزكاة فتعدى عليه الحق ، فأخذ سلاحه فقاتل ، فقتل ، فهو شهيد”
ولاحظ هنا عبارة “فخاض الناس وبهرهم الحديث” أي أنهم لم يتقبلوا ذهنيا أنه في زمن ما سيقدم أحدهم على أخذ ما هو زيادة على الحق من المسلم عنوة وقسرا، فهذا فجور عظيم. لكن الأدهى والأمر أن ما يجري حاليا هو اغتصاب على ما ليس فيه حق أصلا، وهو سلطان الأمة الذي يجب أن تمنحه بالرضا والقبول لمن ترى فيه الأحقية والكفاءة والصلاح. وهو شيء لن يتقرر إلا بالانتخابات العامة، حسب المتطلبات العصرية للحصول على الشرعية، وهو ما لا يتعارض مع #الشريعة السمحاء إطلاقا. وهذا أمر بالمناسبة لا علاقة له بما يسمى ” #الديمقراطية ” كما يروج بعض أصحاب العقول المثقوبة، فالديمقراطية شيء والانتخابات والحصول على الشرعية شيء آخر، ولا يعني أنه عندما تطبق الديمقراطية مفهوم الانتخابات العامة أنها ستصبح مقبولة بالجملة. والملاحظ هنا أن الأمة مجتمعة إذا دافعت عن سلطانها المغتصب -كما هو واضح من معنى الحديث الشريف- وقتل أناس منها في سبيل استرداد ذلك الحق فهم #شهداء بإذن الله، وهذا رد على بعض #المرجئة و #الجامية ممن خلدوا إلى الأرض وأباحوا للحكام فعل ما يشاؤون بمصير الأمة وحقوقها تحت حجج “عدم الخروج على طاعة أولياء الأمور” التي أخرجوها من سياقها الصحيح ولووا أعناق نصوصها خدمة للحكام والسلاطين، وإن كان ذلك في معصية الله ورسوله. المهم في جميع الأحوال أنه لا يجوز بأية حال من الأحوال مصادرة حق الأمة بسلطانها، والأدلة كثيرة ومتواترة بخلاف هذا الحديث الشريف، ولكن هل من عقول تعقل وتزن الأمور؟