روائع يابانية معاصرة(8): الكوميديا والمبدع والسلطة والقمع- ترجمة University Of Laughs (笑の大学)

أقدم لكم أيها الإخوة والأخوات الكرام عملاً يابانيا رائعًا أتابع به ما كنتُ عرضته سابقا من نوافذ على الأعمال التي تصنف ضمن روائع الألفية الجديدة اليابانية من ناحية المستوى والشعبية. وقبل أن أقدمه لكم، اسمحوا لي بمراجعة هذه الروائع السابقة :


وهي كالتالي:

1234567891011

وقررتُ أن أتجّه بالبوصلة هذه المرّة نحو الكوميديا التي أعتقد أنها أصعب ما قد يواجه المترجم للأعمال المرئية، وهو ما سنفصل فيه لاحقًا بهذا الموضوع. وعملنا اليوم مستمدّ من الكوميديا المسرحيّة، وكوميديا الموقف تحديدًا.

جامعة الضحك

University Of Laughs


مشاهدة مباشرة


والعمل من إخراج مامورو هوشي وتأليف مسرحي كوكي ميتاني. والفيلم المقتبس من المسرحية هو عبارة عن “دويتو” بالمجمل، أي يقوم على ممثلين إثنين أساسًا، وهما النجم الياباني الكبير كوجي ياكوشو والنجم الواعد غورو إيناغاكي الذي شاهدناه بشخصية الأمير الشرير بفيلم 13 مقاتل. وقُدّم العمل كمسرحية بالأصل بنفس العنوان عام 1997. وبعد نجاح المسرحية، عُرض كعمل سينمائي عام 2004. وترشّح كوجي ياكوشو من خلاله لجائزة أحسن ممثل في مهرجان أكاديمية السينما اليابانية وكذلك كوكي ميتاني لجائزة أحسن سيناريو.
والموضوع الرئيس للعمل يدور حول فكرة الرقابة التي تفرضها السلطة وأدواتها على حرية التعبير والفكر، ويوصف المسرح بأنه أحد أهم وسائل الإبداع الفكري والحضاري. والغريب أن المؤلف ظلّ يؤكد أنه لم يقصد جانب النقد السياسي للسلطة تحديدًا، فكل ما كان يسعى إليه هو الكوميديا، إلا إن العامل السياسي بارز بالموضوع بروزًا لا يمكن الابتعاد عنه. ومن طريف القول أن المرء مهما هرب من السياسة فهي ستلاحقه وتطارده. فكلامنا ومشاهداتنا وتعاملاتنا تندرج في إطار السياسة بطريقة أو بأخرى. وبهذا فإن مؤلف العمل حتى لو تجنّب السياسة فإنها طاغية الفكرة بالعمل، ولكنه من ناحية أخرى لا يعترض على الرقابة أو يعمل على تشويهها بالمجمل، بل يلجأ من خلال تطوّر القصة إلى جعلها كعامل مفيد بشكل أو بآخر. والعمل يحمل معاني الطرفة والظرافة المبنيّة على كوميديا الموقف، وهو كذلك مباراة في الأداء التعبيري بين ياكوشو وإيناغاكي تجلّت به عناصر التلاعب اللفظي كالتورية والجناس والطباق، ورغم أنه يدور بين شخصيتين فقط إلا إنه يحمل عنصر التشويق والاستفزاز مما يجعل من رغبة المتابعة مطلوبة من المتفرج. أما نهاية الفيلم فهي غير قابلة للوصف من روعتها وتأثيرها، حيث تظهر أعماق الشخصيات ويبرز عامل كشفها لذروة المشاعر والتمنيّات.

عانت اليابان أثناء فترة الحكم العسكري في منتصف ثلاثينات القرن العشرين من تسلط الرقابة والتعتيم على حرية الفكر. ورغم أنها تخلصت من الحكم الديكتاتوري بشكل مرير بعد هزيمتها الشنيعة بنهاية الحرب العالمية الثانية واحتلال القوات الأمريكية لها، إلا إن اليابان تعلمت الدرس جيدًا، فلا تطور وتقدم حقيقي بلا حرية وفتح آفاق التعبير السلمي والنقد الإيجابي وتصحيح الأخطاء ومكافحة الفساد. لكن من جهة أخرى، لا تزال أقطارنا العربية تعاني من التعتيم والقمع الفكري والسلطوي. ولعل حرية الفكر تعاني من خنجرين يطعنان بظهرها: أولهما، تسلط الأنظمة ولجوئها للرقابة الشاملة لكل ما لا يروق لها بلا قانون صحيح وشرعي سوى ما تشرعه لنفسها عبر برلماناتها الصورية. وثانيهما، وهو استغلال حرية الفكر من بعض من يطلقون على أنفسهم كتّابًا أو مثقفين ليضعوا ما يضرب بمعتقدات الأمة وزعزعة مبادئها الثابتة، وغالبًا ما يحدث ذلك عبر التهجم على الدين ورموزه، وهذا الخنجر اسوأ من سلفه لأنه مسموم ومغلف بشعار حرية الفكر، وكأن هذا لا يتأتى إلا بهدم أسس المجتمع وعقائده ومبادئه. ولعل السلطة تعتمد على هذا النوع من التدمير الداخلي حتى تمعن باستغلال نفوذها لغير صالح المجتمع وحرية أفراده بالتعبير ونقد الفساد والمطالبة بإصلاح إعوجاج السلطة ومتنفذيها والمنتفعين منها. ولذلك يجب أن تكون حرية الفكر حقيقية وأصيلة، لا أن تكون حق يراد به باطل وأن تُستَغل لفساد الأخلاق وهدم المعتقدات والأسس الفكرية والمرجعية
warainodaigakupt-1-avi_000041458
الكوميديا والترجمة
اعتماد الكوميديا على الحوار هو من طبائع الأمور، وهذا يمثل تحديًا ليس بالهيّن لمن يتصدى لترجمة الكوميديا التي تعتمد في معظم الأوقات على الإبداع الفني ووقع الكلمات والعبارات الظريفة والمضحكة للمشاهد، ناهيك عن التحدي الأصلي الذي نحاول تقليل تبعاته السلبية والمتمثل بمشكلة الترجمة من خلال لغة وسيطة بين اللغتين اليابانية والعربية ألا وهو لغة الترجمة الإنجليزية للفيلم، وهو ما يجعل من إيجاد المقابل اللفظي الطريف مسألة تتّسم بالتحديّ المضاعف لمدى القدرة الإبداعية التي يمتلكها المترجم ويضطر لاستحضارها لكي يتعامل مع النص وعمله المرئي. ومثالنا البارز هنا هو عبارة Exsqueez me التي ترد كعبارة طريفة متكلّفة بالعمل وهي تحوير لعبارة Excuse me المعروفة وكذلك Squeeze حيث العصر والحشر. وقد وجدت بتحوير “استمحيك عُصرًا” (كتحوير لعبارة “استميحك عذرًا”) مقابلاً معقولاً -وقد يكون طريفًا- حسب السياق. وسواء كانت المحاولة موفقة أم لا، فإن هذا أفضل من كتابة معنيين توضيحيين بنفس سطور الترجمة المرئية، فهذه عملية سقيمة للغاية، فلا يمكن للمترجم أن يضع المتفرج أمام خيارين خلال بضعة ثوان قليلة، وهو ما يمارسه بعض ممارسي الترجمة المرئية بلا وجل، وهذا مفسد بطبيعة الحال لمتعة المشاهدة. ولكن كما ذكرنا مرارًا، أن هذا مجال مفتوح وهذه إحدى عيوبه القاتلة، ومن أراد إصلاح مستواه فكان بها، أما من تقوقع على نفسه بلا علم، فسيدور بحلقة مفرغة.

نسخة الفيلم

University.Of.Laughs.2004.DVDRip.DivX-AXiNE
اسطوانتان

رابط الترجمة


76c0bf9435f2f8a702411d55c932329c_233
وتقبلوا مني أطيب تحية
فيصل كريم

2 responses to “روائع يابانية معاصرة(8): الكوميديا والمبدع والسلطة والقمع- ترجمة University Of Laughs (笑の大学)

  1. الفيلم الذى توقعته سيكون ممل لمسنى موضوعه لانه يتحدث عن الرقابه التى تمارسها المجتمعات والانظمة الصارمة والموضوع لمسنى لانى ببساطة كنت من قراء بعض الكتاب مثل علاء الاسوانى مثلا الذى اشتهر سينمائيا بفيلم عمارة يعقوبيان كونه مؤلف القصة وحاليا هو وغيرة لا يستطيعون العمل داخل اوطانهم … الفيلم نفسه يحتوى على مشاهد و حوار اظن ان المشاهد لن يشعر ناحيتها بالاغتراب نتيجه تشابه الكثير من الظروف مع ما يدور حولك … من الامور التى تحسب للفيلم انه لفت نظرى ان الكاتب لا يواجه متاعب مع الرقابة فقط بل ايضا هناك متاعب وعراقيل تواجهه من زملاء المهنه ففى جامعة الضحك يوجه الرقيب سؤال الى الكاتب عن احد النكات السمجة التى يحويها النص ويسالة ما المبرر لوضعها مادامت المزحة سخيفة فيرد الكاتب على سؤال الرقيب قائلا ان الممثل الرئيسى والذى يعتبر هو المهيمن على الفرقة هو الذى طالب بوضع تلك العبارة والكاتب مضطر أن يساير الامر لكى يشهد النص النور مما جعلنى كمشاهد اعلم ان الصراع لا يقتصر مع الرقابة وحدها الاطرف من ذلك ان الممثلين زملاء الكاتب قاموا بممارسة العنف والتسبب فى الايذاء البدنى للكاتب بخلاف الوضع مع الرقيب الذى خاطب الكاتب فى احد الجمل الحوارية بالفيلم قائلا له لاتقلق نحن لا نلجأ للتعذيب الا نادرا … والحق ان علاقة الكاتب والرقيب كانت مميزة فى كثير من مراحل الفيلم … كمشاهد انت امام رقيب متعسف قد تراه بشكل سلبى فهو رجل جاد لا يضحك و يتعامل مع كاتب ساخر يرغب باجازة نص كوميدى لكن فى ذكاء يحسب للفيلم يجد المشاهد أن الرقيب سيمثل عنصرايجابى للكاتب اكثرمن قائد الفرقة المسرحية ببساطة انت امام رقيب صارم لابد ان تصنع له طرفه جيدة لكى يضحك منها خلاف الممثل الذى لا يضره اللجوء للاستظراف او القاء احد النكات السمجة لكن الرقيب يمثل تحدى للكاتب يدفعه لاخراج افضل ما عنده يجب ان لا تلجأ للاستظراف أو السماجه فى النص الذى ستعرضه عليه بل يجب أن تصنع له نص ساخر بحق وبالتالى يجد الكاتب نفسه فى النهاية ممتن للرقيب اكثر من زملاء مهنته… تضاد ساخر عرض مميز يحسب لفيلم جيد … تحفظى على الفيلم شيئان هو ان شخصية الرقيب شهدت اكثر من تحول درامى لم يكن مقنع لى كمشاهد فى بعض الاحيان منها ان الحماسة تغلب على الرقيب ويقوم بمساعدة الكاتب ويمثل معه النص فى احد المشاهد وهو امر لم يكن له مبرر خصوصا عندما تجد ان الرقيب يقرر ان يتخلص من وقاره فى لحظة لكى يمثل مشهد هزلى كان سيصبح مقبول لو اهتم المخرج بتقديم دافع مقنع … نهاية الفيلم كذلك كانت عاطفية بشكل مبالغ لكن فى النهاية هو فيلم جيد يكفى انه فيلم قائم على حوار يدور بين شخصين ولم اشعر اثناء مشاهدته بأى ملل

    إعجاب

أضف تعليق