غريب هو أمر الحكومة الإيرانية. فما أقدمت عليه من تحريف وتزوير مباشر وعلى الهواء لخطاب الرئيس المصري دكتور محمد مرسي يدل دلالة واضحة على أنها لا يمكن أن تكون وسيطا نزيها بين نظام عصابة الأسد وبين المعارضة السورية. فهي أولا قد أخلت بشروط الضيافة الصحيحة لمؤتمر قمة حركة عدم الانحياز المؤتمنة على كل إجراءاتها، ثم تبين بما لا يدع مجالا للشك أنها تمارس سياسة تضليل ممنهجة على شعبها الإيراني بما يخص أزمة إجرام نظام الأسد تجاه شعبه، أما ثالثة الأثافي فهي في خلقها أزمة سياسية مرتقبة مع كل من مصر من جهة والبحرين ودول الخليج من جهة أخرى، فلا يمكن أن تقف الحكومة والمصرية مكتوفة الأيدي تجاه هذا الانتهاك السافر لمضمون خطاب الرئيس المصري ومعناه الواضح بإدانة النظام الأسدي المجرم، وهو ما يطرح شكوكا عميقة من جدوى إعادة التمثيل الدبلوماسي بين مصر وإيران.
وبما أن الموضوع يتعلق بالترجمة، فلا بد أن من الإشارة إلى أن علم المترجمة يرتكز على قاعدتين أساسيتين: الموضوعية والأمانة. وما قامت به حكومة طهران إخلال صارخ لمبدأ أمانة الترجمة ونزاهتها، وهذا مؤشر على تخلف الجانب الفكري لديها، وعلى انعدام وجود مؤسسات علمية ومدنية تمنع من استغلال الحكومة للمترجمين حسب أغراضها التي قد تصل لمراحل غير متوقعة من الإسفاف والدناءة وخيانة الأمانة، والتي لا يمكن لقيام نهضة لعملية الترجمة والفكر الثقافي الموضوعي إلا بها. لا أتوقع إطلاقا أن المترجم الإيراني لخطاب الرئيس مرسي قد أقدم بما أقدم عليه من تحريف وخيانة من تلقاء نفسه، رغم أن هذا لا يعفيه من المسؤولية العلمية، فهو مترجم خائن ولا شك. إلا إن دقة التحريف عبر تبديل كلمة بسوريا كلما وردت بالخطاب إلى كلمة البحرين تشي بأن هذا الفعل الأخرق تم بأوامر عليا مسبقة ومخطط لها سلفا.
يبدو أن حكومة أحمدي نجاد، أو حتى سياسة المرشد خامنئي، لا تعبأ كثيرا بمثل هذه الانتقادات، ولا تهتم إن كانت كل شعارات طهران السابقة من مناصرتها لحق الشعوب قد سقطت سقوطا مدويا. ولكن ما لم يتوقعه نظام الملالي في طهان أن هذا الافتضاح والسقوط قد وقع في طهران ذاتها.