يسرني تقديم مصافحتي الأولى لأعمال المخرج والنجم الياباني المرموق
(تاكيشي كيتانو)
وستليها بإذن الله مصافحات قادمة لهذا المخرج الفذ والشخصية الأكثر شعبية باليابان. إلا إننا سنبدأ بهذا الفيلم الذي أظهر به اسلوبه المتميز والفريد من نوعه.

Sono otoko, kyôbô ni tsuki
Warning, This Man Is Wild
Violent Cop
الشرطي العنيف
يدخل هذا العمل الذي اقتحم به النجم تاكيشي كيتانو عالم الاخراج السينمائي من أوسع أبوابه، يدخل في إطار سينما الشرطة والعصابات الاجرامية. لكن هذا لمخرج والنجم المحبوب باليابان يتميز باسلوبه الخاص من حيث امتلاكه لنظرة ومفهوم سينمائي عميق عبر عنه من خلال توظيفه الفريد للادوات السينمائية المختلفة من تصوير ومونتاج وانتاج فني وموسيقى تصويرية وبالمجمل رؤيته الاخراجية الثاقبة.
نظرة موجزة لتاريخ تاكيشي كيتانو
لكن قبل التحدث عن الفيلم يستسحسن بنا أن نتعرف على تاكيشي كيتانو عن قرب حتى نفهم الخلفيات التي انطلق منها هذا المبدع حتى وصل لهذا الموقع الفني الطيب. ولد كيتانو عام 1947 في طوكيو ودرس فيما بعد الهندسة لكنه لم يواصل بهذا المجال لسلوكه “المتمرد” ، ثم عمل مع الكوميدي الياباني الشهير (سينزابورو فوكامي) بسبعينات القرن الماضي فتعلم على يديه الكوميديا والموسيقى والرقص. ذاعت شهرة تاكيشي الكوميدية عندما كوّن مع أحد اصدقائه ثنائيا قدما من خلاله العديد من الاسكتشات والاستعراضات الكوميدية.ولقب بسبب هذا الثنائي بلقب Beat Takeshi وهو لقب يعتز به ولا زال محتفظا به إلى اليوم. قام كيتانو بالثمانينات بالتمثيل بالعديد من الأفلام وكذلك بالعديد من البرامج الترفيهية وكان من أشهرها البرنامج الذي عرض بالمنطقة العربية The Castle أو “الحصن” إلى أن واتته فرصة العمر حين تعرض مخرج الفيلم الذي سنقدمه اليوم إلى المرض ولم يستطع الشروع بالاخراج، فتسلم كيتانو أول عمل اخراجي يقوم به. وكان النجاح الذي حققه دافعا له لاستكمال مشواره الاخراجي إلى اليوم. وقد تعرض كيتانو كيتاشي بعام 1995 إلى حادث مروري بدراجته النارية كاد أن يرديه قتيلا، فأخذ يضيف بأعماله بعد ذلك طابعا فنيا جماليا منح اسلوبه رونقا خاصا. من أبرز أعماله، الشرطي العنيف – ألعاب نارية – الدمى – الأخ – زاتيوشي.
الشرطي العنيف
رأينا بالسابق العديد من الأفلام البوليسية والعصابات ومنها من كان سيئا ومنها ما تعدى للمستوى المتوسط والجيد. إلا أن أن الصعوبة تكمن عند محاولة التميز عبر هذه الأعمال. وهذا ما نجح به كيتانو بشكل نسبي بهذا الفيلم إلى أن بلغ مستوى متميزا بفيلمه التالي Fireworks . يمتاز المخرج بتوظيف عنصر العالم العنيف الذي يراه صانع الفيلم حسب منظوره الخاص. وهو عالم يتميز بالعنف والوحشية العشوائية أي من يتضرر أو من يسلم من جراء هذا العنف هو أمر قدري محض فلا يستطيع البطل التحكم بمن يقتل من المجرمين أو الناس المارة أو المتفرجين أو حتى من تقتله الظروف السيئة على يديه هو. وعرض علينا المخرج عبر العمل عاملا إن جاز لي التعبير أن أسميه “درامية العنف” فكأن المشاهد يرى دراما غريبة عبر مناظر العنف التي تظهر للعيان وهو ما لم أره قط بأي من أفلام الحركة الأخرى.
تم اعتماد اسلوب تصوير ذو إيقاع طبيعي متدرج حسب ما هو موجود بالنص فنراه هادئا ثم سريعا فجأة. وكانت الاضاءة المتوفرة غير براقة بشكل عام فيما عدا المشاهد الخارجية بالنهار، وتم استخدام الظلام والنور بشكل بارع خاصة بالمشاهد الأخيرة. وكذلك المونتاج لم يخرج عن هذا الخط المعتدل. أم إن تطرقنا للموسيقى التصويرية فقد تميز بها الفنان الموسيقي (دايسكي كومي) حيث تم عزف موسيقى وترية إيقاعية أقل ما يقال عنها أنها إبداعية وهي تشبه أصوات الموسيقى اليونانية الهادئة بشكل ليس بعيد.

وبشكل اجمالي، فإن المخرج المبدع تاكيشي كيتانو نجح بمزج كل العناصر الفنية معا في بوتقة موضوع يغلب عليه طابع الإثارة السوداء. لكنه أضاف لمسات محببة إلى قلب كيتانو مثل الكوميديا والرومانسية، حتى يمنح المتفرج قدرا من التعايش المنطقي بالأحداث. وعلى الرغم من أنه العمل الأول الذي يخرجه كيتانو، فإنه يشكل علامة تميز مسيرة هذا الفنان الشامل. ذلك أنه علاوة على موهبة التمثيل والاخراج الذي يتميز بهما، فإنه كاتب رؤائي وقصصي وشاعر وكاتب مقالات ورسام لوحات فنية وقصص كارتون، ويمكننا مشاهدة لوحاته الفنية بأفلامه مثل “الألعاب النارية” وغيرها. وهذا العمل Violent Cop يدخل بالتالي إلى قائمة الأفلام المفضلة للمشاهدة.
المدة: ساعة و41 دقيقة
حجم النسخة: 699.87 ميجابايت
عدد الاسطوانات: واحدة
معدل الاطارات: 23.976
وتقبلوا مني بالنهاية فائق التقدير والاحترامفيصل كريم